تحوّلت قاعات الرياضة بمدينة قسنطينة إلى مسرح كبير يعبّر فيه أطفال إفريقيا عن طاقاتهم الكامنة، ويبعثون برسائل صافية عن السلام، المحبة، والتآخي بين الشعوب، من خلال منافسات الألعاب الإفريقية المدرسية في طبعتها الأولى.
من السودان إلى غانا، ومن الجزائر إلى الكونغو، ارتسمت على وجوه الأطفال المشاركين ابتسامة واحدة، رغم اختلاف الأعلام واللّغات، حملت في طياتها حلمًا مشتركًا، أن يصبحوا أبطالًا يحملون رايات بلدانهم في المحافل الدولية.
يقول عمران لووزا 16 سنة، قادما من أوغندا، وهو يرتدي زيه الرّياضي بفخر، “أول مرة أزور الجزائر، وأشعر وكأنني في بلدي الثاني، أريد أن أُصبح أشهر لاعب في تخصّص تنس الطاولة، وهو الطفل الذي تحدث عن جمال المدينة التي قام رفقة فريقه ورئيس الوفد الأوغندي بخرجة سياحية استكشفوا من خلالها جمال الجسور المعلّقة، قائلا أنه سيعود يوما ما للجزائر وتحديدا لقسنطينة. أما هناء صادي 14 سنة، من الجزائر العاصمة فقد عبرت عن فرحتها بتواجدها في هذه الألعاب الإفريقية المدرسية..وهي لاعبة المنتخب الوطني لتنس الطاولة وتأهّلت للربع النهائي بفوزها على نظيرتها المصرية، حيث قالت إنها تجتهد من أجل رفع الراية الوطنية وكسب اللقب الإفريقي، لتتعالى داخل القاعة متعدّدة الرياضات بعلي منجلي، هتافات المتفرّجين وشعارات الوفود، فيما تنقّل الأطفال بخفة بين المباريات، وكأنهم يرسمون مستقبل القارة بالقفزات والتمريرات واللّكمات النظيفة. ورغم الطابع التنافسي، ظلّ المشهد الأجمل هو تلك اللّحظات التي يتبادل فيها الأطفال القمصان، الصور، أو حتى التحية بلغة الإشارة، ما يعكس المعنى الحقيقي للرياضة كجسر ثقافي وإنساني.في حين يقول أحد أعضاء الطاقم الفني للمنتخب التونسي: “هذه التظاهرة ليست مجرّد بطولة، إنها مدرسة للتعايش والتسامح...نُعلّم أبناءنا أنّ الفوز لا يُقاس بالميداليات فقط، بل بالروح التي نحملها”.قسنطينة، المدينة العريقة، نجحت في احتضان هذه المواهب الغضة، ووفّرت فضاءً يليق بأحلامهم، لتُبرق من هنا رسالة مفادها: الطفل الإفريقي قادر…فقط امنحوه الفرصة.