طباعة هذه الصفحة

كفوا الليبيين شر القتال..

أمين بلعمري
21 سبتمبر 2018

المشهد في ليبيا لا يبعث على الاطمئنان، وهناك أياد لا تزال تعبث بمصير هذا البلد المنهك من خلال الدفع بالأمور إلى المواجهة لإجهاض أي مسار سياسي سلمي قد يخرج من تحت عباءة الأمم المتحدة عبر بعثتها إلى ليبيا. مسار من شأنه أن يسد ذريعة التدخل العسكري مجددا في هذا البلد الغارق في دوامة الفوضى والاقتتال، جرّاء التدخل الفرنسي الأطلسي سنة 2011، مما يعني أن أي تدخل جديد لن يزيد إلا من إغراق ليبيا في الفوضى أكثر ويبعد أي أمل في إيجاد حل يكفي الليبيين شر القتال.

تصريحات خليفة حفتر ـ الذي لا يسيطر إلا على أقل من 03 بالمائة من التراب الليبي ـ حول الجزائر، لم تكن في حقيقة الأمر تهديدا بتحويل الحرب إلى الحدود الجزائرية ـ كما يدعي ـ لأنه يعلم أنه ليس أهلا لذلك وكل المعطيات العسكرية والجغرافية تؤكد أن ما قاله حفتر هو مجرد تخاريف، ولكن الذي يتمعن جيدا في تصريحات حفتر  يكتشف أن الأخطر فيها ليس التهديد بحد ذاته ولكن محاولته اليائسة لضرب الثقة التي تحظى بها الجزائر لدى كل الأطراف  الليبية، ومن بينها حتى بعض المقربين من حفتر نفسه؟ وما قاله حفتر حول اختراقات الجيش الجزائري للأراضي الليبية، وأن الجزائر استغلت الوضع في ليبيا لتنتهك حرمة أراضي بلاده دون مراعاة لأواصر الأخوة وغيرها من الادعاءات والأكاذيب، كان الغرض منها دغدغة عواطف الليبيين وتأليبهم على الجزائر وضرب دورها في ليبيا أو تصويره على أنه دور مريب ومبهم في أحسن الأحوال.

يذكرنا هذا بما حصل سنة 2011 عندما اتهمت حينها الجزائر بأنها تدعم القذافي وتقف في وجه تطلعات الشعب الليبي، ليتبين فيما بعد أن ذلك كان من أجل إسكات صوتها تمهيدا للتدخل العسكري الذي حصل في ليبيا الذي كانت تعارضه الجزائر بشدة، مما يؤكد أن الأطراف نفسها التي تدخلت عسكريا في ليبيا هي التي أوحت إلى حفتر للتفوه بذلك الكلام غير المسؤول وهي من تدفع بالأوضاع إلى التعفن في هذا البلد للترويج لتدخل عسكري ثاني.