طباعة هذه الصفحة

ليبيا ...من “برنارد دينيو” إلى “موغريني “

نورالدين لعراجي
12 نوفمبر 2018

تحرص الجزائر دوما في مرافعاتها  الدبلوماسية او تدخلاتها بشأن اي نزاع على المستوى الدولي الوقوف الى مصلحة البلد ، خاصة إذا تعلق الامر بدول الجوار فهي تدافع عن الحلول السلمية كخيار استراتيجي .
ان المبدأ الراسخ في السياسة  الخارجية  للجزائر بعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، تحول الى عقيدة  جزائرية بامتياز، في الوقت نفسه تقوم بمساعي دبلوماسية لتذليل الخطوات  وتثبيت مبدأ الحوار كوسيلة بين الفاعلين في المشهدين الامني والسياسي الليبي، ودعوة الاطراف لإيجاد الحلول السياسية ،ووضع حد للانفلات الامني الذي يعيشه البلد منذ  2011.
ان قمة “جنان ألميثاق التي احتضنتها الجزائر سنة 2015 ، وحضرتها كل الاطراف الليبية الفاعلة ،كانت انجازا تاريخيا في بعث الحوار كوسيلة ، قبل ان تكون ضمن اجندات دول اخرى قد تختلف فيها الرؤى السياسية  .
 لكن حضور ممثل الامم المتحدة برناردينيو بالجزائر على فترات متتالية  عزز موقعها الثابت والداعم لخيار الحوار عوض المواجهات المسلحة ،  وظل الموقف نفسه يتجدد  بنفس المساعي ، باستضافة الاطراف الفاعلة على الاراضي الليبية  الى غاية اليوم .
 لم تتغير السياسة الخارجية تجاه ليبيا وظلت المساعي الحثيثة ، تسجل في كل مرة تقدما سواء بالجلسات الماراطونية التي خاضتها الدبلوماسية الجزائرية ، او من خلال الزيارات المستمرة للأطراف الليبية  للجزائر.
دور الجزائر في كل مرة يحدث انجازا تاريخيا على مستوى العلاقات التي بقيت نفسها تسودها المواصفات الاخوية حتى وان حاولت بعض الاطراف الخارجية تغذية حساسيات هامشية على سير عملية السلام في ليبيا، إلا انها فشلت فشلا ذريعا .، نظرا لاعتبارات تاريخية واجتماعية تجمع البلدين في قواسم مشتركة.
المشهد السياسي والامني في ليبيا  يدعو الى القلق ، واستمرار الوضع على حاله سيعقد من ديمومة الدولة، ويمنح متسعا من الوقت الى تزايد  حرب الميليشيات والجماعات الارهابية التي تستغل الوضع  الراهن لتجنيد العناصر الجديدة، خاصة مع موقعها الجغرافي كبوابة نحو افريقيا  وقربها من حوض المتوسط، يساعد العناصر باللجوء تحت مسميات متعددة منها الهجرة غير الشرعية  الى الاراضي الاوروبية، عن طريق عصابات المخدرات وتجار الرق، من يملكون اليوم الحل والربط   داخل  ليبيا في غياب مؤسسات امنية قائمة بذاتها.
اذا كانت اجندات الاتحاد الاوروبي هي  ايجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا ثم الذهاب الى مصالحة وطنية، فان الجزائر تعتبر ذلك من الاولويات  لصد كل ابواب التوتر والدمار ثم إجراء  انتخابات, في بيئة قانونية آمنة، ولن يكون حل اخر خارج هذه المقترحات.
المرافعات الامنية حاضرة بقوة في قمة باليرمو ، وحرص اوروبا وان كان ظاهره سياسيا امنيا  فان باطنه اقتصادي  بامتياز، من خلال الاستثمارات التي بلغت حدود 375 مليون يورو لدعم المجتمع الليبي عبر قطاعات حيوية، ومحاربة عمليات النهب لخيرات البلد، خاصة وان بعض الاصلاحات الاقتصادية تأتي في الاتجاه الإيجابي، عن طريق زيادة النقد المودع في  الحسابات المصرفية، عوض السوق السوداء التي تقهقر فيها.