طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

لصوص الثروة

فضيلة دفوس
19 فيفري 2019

لن نفشي سرّا  بقولنا إن الاحتلال المغربي ما كان ليستمرّ جاثما على صدر الصّحراويين وأرضهم لأزيد من أربعة عقود، لولا ذلك التواطؤ والحماية التي يتلقاها من طرف دول غربية، عملت ولازالت على سدّ  منافذ الشرعية وإجهاض كل قراراتها الداعية إلى تحرير آخر مستعمرة أفريقية.  
 بلا شكّ، ما كان المغرب ليتجرّأ على مدّ نفوذه إلى الإقليم الصحراوي لولا أن إسبانيا قدّمته له على طبق من ذهب منتصف سبعينيات القرن الماضي، وما كان احتلاله ليستمرّ كل هذه السنوات، لولا دعم فرنسا التي تستغل مكانتها على مستوى المؤسسات الدولية، وخاصة  امتلاكها حقّ الفيتو في مجلس الأمن الدولي، لعرقلة أي مشروع قرار يتطلّع إلى تحريك مسار السلام في الصحراء الغربية باتجاه تطبيق استفتاء تقرير المصير.
لكن، ونحن نستعرض هذه الحقائق التي لا تخفى على أحد، فإننا نؤكّد بالمقابل أن الخدمات التي تقدّمها فرنسا ودول غربية كثيرة  للمغرب حتى يستمرّ في احتلاله للصحراء الغربية، ليست مجانية، لأنها تتلقى أموالا طائلة من خلال مشاركته نهب ثروات الإقليم المحتل دون حياء أو وخز ضمير.
والمفارقة العجيبة أن نهب المغرب والمتواطئين معه لخيرات الشعب الصحراوي، لا يتم في الخفاء، بل على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وتؤطّره اتفاقيات ومعاهدات توقّع أمام عدسات الكاميرات خارج الأسس القانونية ضاربة عرض الحائط حتى بالأحكام القضائية المعارضة، كما وقع قبل أيام، عندما صادق البرلمان الأوروبي على اتفاق جديد حول الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب رغم  أن محكمة العدل الأوروبية أصدرت السنة الماضية حكما ببطلانه، لأنه يضم الصحراء الغربية التي مازالت تنتظر تقرير المصير والاستقلال.
والمثير للسخرية، أن الاتفاق الأخير أفاد في مضمونه بأنه حصل على موافقة الشعب الصحراوي، وبأنه يحرص على إفادة السكان المحليين ويقصد بهم أصحاب الأرض الحقيقيين، والواقع أن ما يروّج له عاري من كلّ حقيقة، لأنه مجرّد صفقة لسرقة الثروة السمكية الصحراوية وتقاسم عائداتها دون حسيب أو رقيب.
والأدهى والأمرّ، أن لصوص الثروة لا ينهبون الخيرات البحرية الصحراوية فقط، بل يسرقون الكنوز التي ينام عليها الإقليم المحتل،خاصة الفوسفات، فضلا عن التنقيب على الذهب الأسود مثل ما يجري قرابة سواحل بوجدور المحتلة.
لا شك أن تعثّر حل القضية الصحراوية لا يعود إلى قوة الاحتلال بقدر ما يعود إلى الدعم الذي يتلقاه من حلفاء يقفون إلى جانبه في مجلس الأمن، لهذا فمعركة الصحراويين ليست مع المغرب فقط، بل مع متواطئين جبناء يتباكون في الصباح على حرية الشعوب ويسحقونها بنعالهم في المساء، لهذا حلّ القضية الصحراوية بحاجة إلى مؤسسات دولية حرّة لا تكون تحت رحمة مجموعة من الدول تتحكم بالشرعية وفق مصالحها الخاصة.