طباعة هذه الصفحة

الأكاديمية والأديبة خيرة بودرقة:

الفضاء الافتراضي قضى على الإبداع الأدبي

البليدة: لينة ياسمين

ترى الأديبة والأكاديمية الأستاذة خيرة بودرقة، أن ترجمة الأدب الجزائري في صوره وألوانه، إلى لغات العالم، كان في حقبة وفترة ما، نحو الروسية والفرنسية والاسبانية والانكليزية معتبرا ومحسوبا، وقليل غير مهم نحوالايطالية والألمانية، والمشروع المستقبلي، أن تترجم أعمال جزائرية إلى الصينية، لكن هذا والذي كان وسيكون، يظل لا يعبر عن الإنتاج الأدبي والمؤهلات التي هم عليها أدباؤنا، ولو توفرت لديهم قليل من الإمكانات، لكان لأدبنا أن يصول ويجول، بين بلدان العالم دون تأشيرة أوجواز سفر.
وتواصل الدكتورة خيرة بودرقة، في دردشة مع «الشعب»، أنه إلى زمن غير بعيد، كانت الساحة الأدبية في بلادنا، تحمل وتعرف أسماء، سطعوا في سماء الجزائر، وتلون طرحهم وأفكارهم، بين الأدبي والسياسي والفلسفي الفكري، وكان من هؤلاء المفكر مالك بن نبي، والداعية المصلح عبد الحميد بن باديس، والراحل الأستاذ المخضرم مولود بلقاسم نايت بلقاسم الموسوعاتي، والأديب محمد ديب، وغيرهم من الأسماء، لتأتي قوافل لاحقة، وجدت في بيئات خارجية الفرصة والمساحة، في أن تستعرض إبداعها وإنتاجها، أمثال الروائية أحلام مستغانمي، لتعود بالتدقيق، أن الأولين كانت كتاباتهم بلغة الاستعمار في الغالب، رغم محاولات ترجمتها إلى لغات حية أخرى، والسبب حسبها، أن لسان حال أولئك كان قابلا لترويضه للغة «موليير»، ثم أن الطرح في ذلك الوقت، كان يفرض على أولئك ثورة فكر وإنتاج أدبي، ضد طرح المستعمر بلسانه، زادت بيانا مع تفجير « الثورة التحريرية»، أي سلاح أولئك المفكرين والفلاسفة والأدباء والمصلحين، كان القلم، الذين لم يستسيغوا «الظلم» المسلط على الجزائريين، وأصبحوا يقاومون كل طرح، ويعبرون في فكر، أنهم يريدون أن يستقطبوا أنظار العالم،ويقولوا للجميع وبلسان أعجمي في كتبهم وأفكارهم، أن الجزائر دولة ووطن، ولا يمكن أن تظل وتبقى تحت إلى المستعمر، طال الزمن أو قصر.
ومع المتأخرين المستحدثين تغيّرت الأمور وأصبح الواقع يختلف، وتسترسل الأستاذة خيرة بودرقة طرحها وقراءتها لواقع ترجمة الأدب الجزائري، وتعترف، أن الانترنيت ذلك «الغريب الدخيل»، المفروض علينا والمحتوم، بات يشكل يومياتنا، وأصبحت هذه الثورة «التقنوعلمية» تلازمنا حتى في منامنا وغفوتنا، وأصبح القارئ لا يحتاج ولا يكلف نفسه عناء اقتناء كتاب، وزالت رائحة الكتاب من «ذاكرة أنوفنا»، بل وأصبح الجمهور لا يعرف للورق لونا أو طعما ولا حتى شكلا، حتى أضحى هذا السيد «كتاب» غريبا بين جمهور و»مدمني» الانترنيت، وتضرّرت المبدع الأديب أو المفكر والمتفلسف، وغيرهم، وبات الإنتاج يشهد كسادا، فيما دور النشر تختفي وتغلق أبوابها ونوافذها، ولم يعد فيه حاجة لا للإنتاج ولا للترجمة، فالشاشات المسطحة الالكترونية، استخلفت «الكتاب»، ومن يريد مسألة، فما عليه الا الضغط على زر «البحث»، وله بعد ذلك أن يتصفح و»يسيح» عبر شاشة باردة، فاقدة للروح والمتعة، وفي العموم تولد عن الثورة الالكترونية «حرمان» في الكتاب مترجما أو غير ذلك، ثم الأسعار المتداولة في المكتبات القليلة وما تبقى منها، ألهبت جيوب من بقوا أوفياء للكتاب، ولما ورد، لم يعد فيه بوادر في الانتاج والترجمة، وهنا بدأ وظهر التحدي.
ما يجب أن يكون ويصحح..
 لا تتوقف الاديبة والدكتورة خيرة بودرقة، وتضيف بالقول، إن ما يجب أن يحدث، هوأن تأخذ الجهات الوصية الرسمية، بأيدي الجميع، من حملة فكر أدبي أو فلسفي أو سياسي، وتدعمه في تشجيع، حتى يعودوا إلى الحياة، ويقاوموا تلك الظروف والانترنيت وما إلى ذلك، من المعوقات المعجز، وأن يكون التشجيع من جنس العمل، ثم أن اليوم ثورتنا في التحديات، خصوصا وأن الحقيقة، تقرّ بأن للكتاب هوية وتاريخ وبعد ثقافي وزمني، يمكن أن يكون سفيرا بامتياز إلى بلديان العالم، دون أن يحتاج إلى مسافر وأغراض سفر، بل قليل من الحبر والورق، ويكفي في أن ينقل صورا عنا وعن هويتنا ووطننا، وهنا مفصل القضية ومفتاح النجاح، ثم يمكن بعد ذلك أن نؤسس تقاليد ونعود إلى زمن «السيد الكتاب»، وتنتشر بينا ثقافة القراءة في الحافلات والحدائق وتزدهر، لأن الكتاب بلسان عربي أو أعجمي، يظلّ خير جليس في الأنام، والصاحب الذي لا نمل منه، بل ونسعد ونفرح.