طباعة هذه الصفحة

مبتول يرصد التطورات التي تمر بها الجزائر ويحيي نضج الشباب

ضرورة توافق اقتصادي واجتماعي وتجسيد الإصلاحات في الميدان

سعيد بن عياد

«الذهاب إلى ندوة وطنية تطرح على طاولتها كافة المطالب، تفضي إلى حكومة غير حزبية مشكلة من تكنوقراطيين، وعلى الشارع أن ينظم صفوفه ويختار ممثليه حتى تؤخذ مطالبه في الموعد».
أبرز الخبير عبد الرحمان مبتول مدى النضج الذي أظهره الجزائريون في المطالبة بتغييرات عميقة خلافا للطروحات السوداوية ومواقف أحزاب في السلطة أوالمعارضة تبين أنها منفصلة تماما عن الحقائق الاجتماعية، مسجلا سلبية أغلب المنظمات السياسية أوالمدنية الموالية والمعارضة والحكومة الذين لم يكن بمقدورهم التوجه إلى الجماهير للإصغاء لتطلعاتها مثلما يحدث في بلدان أخرى. وأضاف في تحليله للتطورات أنه «في الوقت الذي يمر فيه العالم بتحولات سياسية، اجتماعية واقتصادية، والجزائر تطالبها ساكنتها بإصلاحات حقيقية وديمقراطية كشرط لتنمية منسجمة ومستدامة في مواجهة العولمة، يجب توجيه عرفان لشبابنا من الجيل الذي لم يعرف مأساة 1990/ 1999، معتمدا خطابا أقرب من انشغالاته». وحيا النضج السياسي الذي أظهره هذا الجيل والمسيرات السلمية بدون عنف، فيما لم تلعب الأحزاب بكل توجهاتها أي دور لتجنيده، كما وجه تقديره لقوات الأمن التي عرفت كيف تتعامل بطريق عصرية مع هذه الأحداث.
واعتبر مبتول أن الجزائر تحتاج من أجل مصداقيتها الوطنية والدولية إلى تجميع كافة أبنائها بتنوعهم، مما يتطلب حدا أدنى من التوافق الاقتصادي والاجتماعي، ولذلك فإن أساس التنمية يتمثل في إصلاحات، إلى مدى أبعد من المقاومات الطبيعية لأصحاب الريع، من خلال رد الاعتبار لحوكمة جيدة ومكافحة الفساد، الذي أصبح يهدد الأمن الوطني للبلاد، يجب إنجازها في الميدان وليس على مستوى النصوص القانونية. وعليه أضاف «يجب الإصغاء لصرخة الشباب من أجل تغيير عميق حتى يمكن للجزائر رفع تحديات القرن 21، في عالم مترابط يتميز بتحولات جيوسياسية في المجالات الأمنية، الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية والثقافية. وبعد أن ابرز عظمة الشعب الجزائري كما أظهره عبر تاريخه العريق، وحاليا بنضجه السياسي، يرى الخبير أن نجاح الإصلاحات حتى تتحول الجزائر إلى بلد صاعد وناشئ لديه كافة الطاقات، يجب أن ترتكز على خمسة محاور هي الأمن، استقرار البلاد، التجمع، تأسيس الدولة بإصلاحات سياسية، دمقرطة المجتمع وإصلاحات اقتصادية توفّق بين الفعالية الاقتصادية وعدالة اجتماعية عميقة.
ومن بين السناريوهات التي توقعها الخبير خيار واقعي يقود إلى تفادي الوقوع في فراغ قانوني، مثلما أعلنه رئيس الجمهورية الذي يخوله الدستور اتخاذ قرارات كبيرة، بتأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة سنة، والذهاب إلى ندوة وطنية تطرح على طاولتها كافة المطالب، تفضي إلى حكومة غير حزبية مشكلة من تكنوقراطيين، ومن ثمة كما أشار إليه على الشارع أن ينظم صفوفه ويختار ممثليه حتى تؤخذ مطالبه في الموعد، وأوضح أن الندوة تفضي حسب قراءته للمؤشرات إلى خيارين، الأول إضفاء شفافية تامة على الانتخابات مع إحداث قوى حقيقية مضادة للسلطة (contre- pouvoirs) وتعويض هيئة مراقبة الانتخابات مع ترك مراجعة الدستور للرئيس القادم، وحل المجالس المنتخبة ومباشرة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الكبرى تقودها لجنة مشكلة من عقلاء غير متحزبين والخيار الثاني علاوة على الشفافية المطلقة للانتخابات باستبدال لجنة مراقبة الانتخابات يتم التوجه إلى مراجعة الدستور بإدخال إصلاحات عميقة اقتصادية وسياسية تقودها لجنة عقلاء تضم عناصر غير متحزبة ويكون الرئيس الحالي الذي لا يترشح ضامن الانتقال في أجل سنة.