طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

أجراس السّلام تقرع

فضيلة دفوس
19 مارس 2019

الجحيم الذي عاشته سوريا في السنوات الثمانية الماضية أخذ يتراجع إلى الوراء، وبدأت ملامح الانفراج تتجلى من بعيد، حيث خفت صخب السلاح إلى حدّ كبير، واندثرت المعارضة المسلحة بعد أن أنهت مهمّتها التّدميرية القذرة ضدّ ذرّة الشام، وها هو «داعش» الإرهابي يقترب من لفظ آخر أنفاسه، لتستعيد البلاد بعض عافيتها في انتظار مداواة جراحها وإرجاع أبنائها   للانطلاق في إعادة البناء والاستقرار.
ما عاشته سوريا لا يمكن للكلمات وصفه، لكنها اليوم تودّع ليلها الطويل بأمل كبير في تصحيح أخطاء الماضي وإعادة الوحدة الوطنية التي أجهزت عليها سكاكين المتآمرين في الداخل والخارج،ومن ثمّة كسر الحصار الذي فرض عليها مند اندلاع الأزمة الدموية، لتعود إلى ملء مكانها الشاغر في الحاضنة العربية مند 2011، وتسترجع دورها على الساحة الدولية.
بعد ثمانية أعوام حالكة، ها هي سوريا تكسّر الطوق وتعود تدريجيا إلى محيطها العربي، حيث بدأت الدول العربية تتزاحم على أبوابها تنشد الودّ وإعادة التطبيع، لتعيد سفارات عديدة فتح أبوابها في دمشق بعد أن صدّتها في زمن كانت سوريا بأمسّ الحاجة إلى نجدة عربية تنتشلها من البئر العميقة التي وقعت فيها.
 لقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أول الدول التي أعادت افتتاح سفارتها في دمشق في 27 ديسمبر الماضي، وعلى نفس الخطوة سارت البحرين التي أعادت افتتاح سفارتها في سوريا في اليوم التالي، ولم تكن خطوة البحرين مفاجئة، ففي أكتوبر 2018، عانق وزير الخارجية السوري وليد المعلم بكل ود نظيره البحريني خالد بن أحمد الخليفة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال خليفة للصحفيين، «ما يحدث في سوريا يهمنا أكثر من أي شخصٍ آخر في العالم، ففي النهاية، سوريا بلد عربي».
وعلى غرار الدولتين، تمضي دولٌ عربية أخرى لتطبيع علاقاتها مع سوريا بعد الجهود الحثيثة لجامعة الدول العربية لإعادة دمشق إلى أحضانها، وقد افتتح الأردن معابره الحدودية معها، كما سبق الرئيس السوداني عمر البشير كلّ الزعامات العربية، وكان أول رئيس يزور دمشق في 10 ديسمبر الماضي.
هذا، وإذا كانت الدول العربية قدّرت بأن حضور سوريا القمّة العربية المرتقبة نهاية الشهر في تونس لم يحن بعد، فالمؤكد أن هناك إجماعا بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية البالغ عددها 22 دولة على ضرورة إعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي الحضن العربي، ومشاركتها إعادة الأعمار والاستقرار ففي النهاية مصير البلدان العربية واحد.