طباعة هذه الصفحة

أودت بحياة شاب في مقتبل العمر وجرح أخرى

الأمطار الطوفانية تغرق عنابة وتكشف عيوب التهيئة

عنابة: هدى بوعطيح

سكان متذمرون من  تقاعس الجماعات المحلية تسببت الأمطار الطوفانية التي شهدتها ولاية عنابة ليلة الأربعاء والتي تعدت 79 ملم في وفاة شاب يبلغ من العمر 18 سنة، وجرح شخصين بسبب سقوط نخلة من الحجم الكبير أمام محطة سيارات الأجرة «سيرايدي» بوسط عنابة، وهو ما سبب حالة من الذعر والغليان وسط سكان عنابة الذين أرجعوا ذلك للإهمال ولامبالاة المسؤولين، لا سيما وأن عنابة باتت تسجل ضحايا بمجرد سقوط الأمطار.
الشاب «بسناسي أيمن» تلميذ بثانوية «الزعفرانية» في القسم النهائي، كان ضحية الأمطار التي شهدتها عنابة ليلة الأربعاء إلى الخميس، حيث كان متواجدا أمام مصلحة الدراسة والامتحانات ينتظر سيارات الأجرة للعودة إلى منزله، إلا أن الأمطار القوية والرياح تسببت في سقوط نخلة قديمة من الحجم الكبير عليه، أردته قتيلا في عين المكان وإصابة شخصين آخرين.
وقد حاول من كان متواجدا بمكان الحادث الأليم إسعاف الفتى، إلا أن جراحه كانت بليغة ليتوفى على الفور، مخلفا حزنا شديدا وتذمرا كبيرا وسط السكان، لا سيما وأنهم حاولوا في عديد المرات لفت انتباه السلطات المعنية لخطورة الوضع، بسبب قدم النخلة و تآكلها، مطالبين بضرورة اقتلاعها من مكانها قبل أن تسبب كارثة، خاصة وأنها تتواجد بمكان يكثر فيه المارة وبجانب متوسطة، وكما كان متوقعا أوقعت النخلة صبيحة أول أمس الخميس ضحية في ريعان شبابها، كان ينتظر العودة إلى منزله ليفرح والديه بمعدله الذي يتجاوز 14 من 20.
تعود الأمطار إلى عنابة وتعود معها الكوارث الطبيعية، طرقات مغلقة، اختناق مروري  لاسيما الطريق الرابط بين محور دوران 08 مارس والطريق الوطني رقم 44، أحياء غارقة، منازل غمرتها المياه، عائلات منكوبة وضحايا فيضانات.. فعنابة كما جرت عليه العادة تحولت طرقاتها بين ليلة وأخرى إلى أودية وبحيرات منعت الكثير من العائلات الدخول أو الخروج من منازلها بسبب تواصل انسداد البالوعات ومجاري الصرف الصحي.
وعلى ما يبدو فإن السلطات المحلية لم تتخذ الإجراءات الاستعجالية اللازمة، للخروج بعنابة من نكبتها، لا سيما وأن الأمطار الأخيرة التي تجاوزت 155 ملم سجلت 03 ضحايا، وهو الأمر الذي أثار استياء سكان بونة الذين باتوا يتخوفون من سقوط الأمطار، ويتساءلون عن المخطط الإستعجالي الذي أقرته الحكومة مؤخرا لحماية المدينة من الكوارث الطبيعية.
مشاهد الفيضانات بعنابة تكررت بعدد من الأحياء والشوارع، على غرار البوني وسيدي عمار والحجار التي تتواجد بها ثانوية «محمد كلوفي» والتي غرقت مجددا بسبب التهاطل الكثيف للأمطار، مع العلم أن هذه الثانوية عرفت زيارة وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية الأسبق نور الدين بدوي بسبب الأضرار التي لحقت بها خلال الفيضانات السابقة، أين تم تخصيص لها 12 مليار سنتيم لإعادة ترميمها وتهيئتها.
غليان كبير وسط سكان بونة بسبب سياسة البريكولاج التي تعيشها لؤلؤة الشرق، وفي ظل تقاعس السلطات الولائية، دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي باتت تحدق بالسكان، وتهدد حياة قاطني الأحياء التي تشهد في كل مرة فيضانات عارمة، يضطرون فيها لاستخدام زوارق الإنقاذ.
للعلم فإن مدينة عنابة تم إدراجها منذ ما يقارب الـ10 سنوات ضمن الولايات، والتي هي بحاجة إلى مخطط استعجالي لحمايتها من الكوارث الطبيعية، في إطار البرنامج الذي أقرته الحكومة أنذاك إلى جانب وزارة الموارد المائية، والتي بقيت مجرد حبر على ورق، إلى غاية الفيضانات الأخيرة التي شهدتها الولاية شهر فيفري الفارط، والتي أعادت إلى الأذهان فيضانات 1982، حيث عرفت الولاية زيارة استعجالية لوزير الداخلية والجماعات المحلية وعدد من الوزراء مؤكدين على إجراءات استعجالية اتخذتها الدولة الجزائرية للتكفل بعنابة على المدى المتوسط، فضلا عن ربط الولاية بالقمر الصناعي لرصد التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية المحتملة، وإطلاق مشروع لإنجاز سد بمنطقة بوحديد لتجميع مياه الأمطار، والتحكم في تدفقها نحو الوادي لحماية المنطقة الغربية للمدينة من الفيضانات.. في انتظار تجسيد ذلك على أرض الواقع.