طباعة هذه الصفحة

الباحث أحمد بجاج في حوار مع «الشعب»

مشــروع النهضة في بلادنـا يتطلـب مرافقة علميــــة جــــادة

ورقلة: إيمان كافي

 الاستثمار في الانسان منطلق التطور وتحضير الغد

نتوقف مع الأستاذ أحمد بجاج باحث في علم الاجتماع بجامعة ورقلة من خلال هذا الحوار إلى مكانة العلم في المجتمعات وكيف يعد ورقة رابحة في كل معاركها مع التغيير نحوالأفضل.
-  الشعب- يعد العلم أحد أهم الدعائم لتعزيز خطوات الأمم نحوتحقيق التغيير،كيف ؟
الباحث احمد بجاج: التغيير من صنع الإنسان والأفكار والأشياء كما تصورها المفكر الجزائري مالك بن نبي. ومركز هذه النظرية هوالإنسان المنتج للأفكار والاستثمار في العنصر البشري يعد المخرج الوحيد لبناء الحضارة وتحقيق التنمية في مختلف الحقول المعرفية.
فعلى مستوى المؤسسات أوالتنظيم باعتبارها نموذج مجتمع مصغر فإن تحقيق التغيير يتم عبر الإطارات العليا والوسطى وذلك لتمكنها من فرض سلطتها باعتبارها تملك رأسمال رمزي معرفي من الخبرة المهنية والمعرفة العلمية النظرية توظفه لصالح تحقيق أهداف التنظيم وتحسين مخرجاته والأمر ينسحب على مستوى المجتمع الكلي بحيث يقوم بهذا الدور الأنتلجنسيا أوالتكنوقراط «النخبة المثقفة» كما يعبر عنها عالم الاجتماع «علي الكنز» وذلك عندما تتحالف مع مختلف الطبقات الاجتماعية لتجسيد مشروع النهضة والتغيير.
- معركة التغيير تتطلب جهودا كبيرة والدليل على ذلك أن الدول المتطورة أولت العلم أهمية هل يمكننا أن نحقق نهضة علمية ؟
الجامعة والتي تعد مؤسسة مؤهلة للعب هذا الدور التي يمكنها أن تحقق ذلك من خلال مخرجاتها المتمثلة في العناصر البشرية الحاملة ليس للشهادات فقط وإنما لروح التغيير من خلال الاعتماد على فلسفة تعليم وتكوين على أساس النقد العلمي ومسألة الواقع الاجتماعي وعدم التسليم بالواقع كما هووإنما البحث عن البدائل وطرح الأسئلة المستفزة وفق منهجية علمية وتفتح ذهني، بمعنى غرس الروح العلمية لدى الطلبة لإعدادهم كنخب واعية مستنيرة، لذلك نحاول في درجات الجامعة أن ننمي في الطلبة الرغبة في التطوير والتغيير والتنوير، بحيث لا يكون مجرد متلقي سلبي وإنما مساهم وناقد ومنتج ومتفاعل في العملية التعليمية.
النخبة العلمية المستنيرة تمارس دورها التأثيري، بما تمتلكه من قدرات ومؤهلات معرفية وعلمية، هي عبارة عن فئة اجتماعية علمية تنتمي إلى قطاعات متعددة، وتتمتع بسلطة رمزية توظفها في تحريك حقول معرفية لقطاعات مختلفة اقتصادية أوثقافية، أواجتماعية أوسياسية، فضلا عن تمتعها بقدرة هائلة إن على مستوى المؤسسات والتنظيمات الصناعية أوالخدماتية عبر تأطيرها واعتبارهم كقاطرة لتوجيه المؤسسات نحوالنجاعة والفاعلية والإنتاجية وحلحلة المشكلات التنظيمية بالطرق العلمية أوعلى مستوى المجتمع الكلي عبر التعبئة وتوجيه المجتمع وشحذ الرأي العام وخاصة أمام توفر الوسائط التكنولوجية الرقمية.
لذلك فإن سؤالكم يجب أن يمتد ليس فقط للإشارة لتوفر الوسائل المادية وإنما إلى إعداد الإنسان المؤهل لتجسيد هذا التصور فعليا ولنا في التاريخ أكثر من درس والأقرب لنا زمنيا ألمانيا تحطمت كليا من الناحية المادية بعد الحرب العالمية الثانية ولكن كان لها الاستثمار في الإنسان المنتج للأفكار كرأسمال بشري ذكي أهلها لتعيد مجدها ومكانتها ودورها الحضاري في العالم.
- تقدم الأمم يقاس بتطورها العلمي الذي كان دافعا أساسيا لتغيير واقعها ، ما تعليقكم؟
العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم، وفي تراثنا الإسلامي العديد من المواقف والعبر تمجد العلم والنص القرائي غني بالإشارات التي تحث على التدبر والعقل والتفكر إلخ ولأننا قدسنا الأشياء لذاتها وأصبحنا في أسر هذا التراث وسيطر التفكير الدغمائي حيث فقدنا مكاننا بين الأمم المتحضرة وأصبحنا مستهلكين لكل شيء.
إن الأمر يتطلب بعث الفلسفة كحقل معرفي أساسي لإحداث الإقلاع الحضاري الحقيقي والمساهمة في إنتاج المعرفة العلمية، الفلسفة التي تؤمن بالنقد الاجتماعي المتصل بالواقع والمعاش اليومي للإجابة عن مشكلاته وأسئلة الراهن وما يشعر به الإنسان ويعيشه المجتمع فعليا وذلك قصد تحقيق التغيير الحقيقي لهذا الواقع وفق المقاربات العلمية وبالتالي تحقيق العلاقة الوظيفية بين العلم والمجتمع.
- ما هي برأيك أهم سبل الاستفادة من البحث العلمي في تنمية المحيط وتحقيق التغيير الاجتماعي بالجزائر؟
المجتمع الجزائري يعيش حراكا شعبيا سلميا عفويا أبهر العالم في سلميته وصحح الصورة النمطية عن الجزائري وعن الجزائر والمجتمعات العربية باعتبارها مجتمعات متخلفة بحسب مركزية الثقافة الغربية، ولكن في نفس الوقت لا يغرنا هذا الحال إذ يستحيل أن يستمر الحراك إلى ما لانهاية بنفس الوتيرة والكيفية، لذلك فإن مرافقة هذا الحراك علميا يعد حتمية ضرورية لتحقيق المطالب وذلك من خلال حراك نخب أوحراك إطارات مثل القضاة والتعليم العالي والصحافة وإطارات الصحة والإدارة المحلية ..إلخ وأهمية هذا الحراك العلمي الفكري أنه ينتج أفكارا ويقدم مطالب نوعية ويؤسس لنهضة من خلال تصورات عن المجتمع والدولة ومبادئ الحرية والعدالة والتي تمكن الفرد والمجتمع من ممارسة حقوقه.