طباعة هذه الصفحة

لجنة اليقظة ومتابعة المعاملات المالية أمام تحديات الواقع

سوق الصرف الموازية والطرق الملتوية عائق أمام الشفافية

فضيلة بودريش

لعل أهم ما يثار في الوقت الحال واحتدم بشأنه النقاش.. ما مدى قدرة لجنة اليقظة المكلفة بمراقبة التعاملات المالية مع الخارج على تحقيق الأهداف المسطرة لها وجميع تفاصيل تحويل العملة الصعبة من طرف البنوك؟ بغض النظر عن من يقودها من إطارات ذات خبرة وتجربة، على خلفية أن المشكل الجوهري يكمن في تفشي ظاهرة تهريب الأموال عن طريق السوق الموازية، التي تعد قبلة حقيقية مزودة بشبابيك موازية وصارت شبه بديلة للبنوك، على خلفية أنها مولت عمليات نزيف حادة للعملة الصعبة، بفعل تهريب المال من خلال الطرق الملتوية، أي عن طريق الحقائب عبر المطارات والحدود والموانئ.
ولأن عملية مراقبة الأموال ينبغي أن تبدأ من أول إجراء قبول الملفات على مستوى البنوك ومن خلال الحد من تضخيم الفواتير التي تستنزف العملة الصعبة للبلاد، خاصة أن الجزائر ليس لديها هيئة لرصد أسعار المواد في الأسواق الخارجية، ومن أجل ضرب بيد من حديد كل من يضخم الفواتير، ويجب أن تجري هذه العملية في شفافية تامة حيث يقطع فيها الطريق في وجه المهربين الكبار والانتهازيين أصحاب المصالح الضيقة، الذين ينخرون الاقتصاد الوطني، والتحقيق في عمليات تحويل الأموال لا يمكن أن يبق مفصولا عن التعجيل بإطلاق حلول للسوق الموازية التي مازالت النقطة السوداء التي تؤثر سلبا على المنظومة المالية خاصة أنها تستقطب شريحة واسعة من الزبائن، نظرا لارتفاع أسعارها خلال عمليات البيع مقارنة بأسعار البنوك، حيث تتدفق عليها الجالية بالخارج وعائلاتهم وأولئك الذين يتقاضون معاشات تقاعد من الخارج، وتعد بالموازاة مع ذلك وجهة المهربين من أجل اقتناء الملايين وتحويلها بطرق غير قانونية نحوبنوك خارجية أوبهدف اقتناء عقارات بالخارج.
..هل فعلا تنجح هذه اللجنة في مهمتها..؟ كون نطاق صلاحياتها وطبيعة أدواتها غير واضح، حيث تتمكن في التحقيق الدقيق والغربلة الشفافة لمختلف العمليات المسجلة على مستوى البنوك، سواء تعلق الأمر بتسوية عمليات استيراد السلع والخدمات بشكل مطابق للتشريع والتنظيم المعمول بهما في التجارة الخارجية والصرف، وبالإضافة إلى عمليات التحويل في إطار الاستثمارات بالخارج التي يقوم بها أي متعامل مقيم بالجزائر، وإلى جانب تحويل الأرباح الناتجة عن الأرباح المتأتية من استثمارات مباشرة في الجزائر والقيام بعمليات تحويل الأموال طبقا لما ينص عليه القانون، أما بخصوص العمليات التي تشمل التحويل لفائدة عمليات التصدير فإنها بدورها ينص عليها التنظيم الساري، ويضاف إليها الرقابة عبر المراكز الحدودية.
يذكر أن المنظومة الاقتصادية تمر في الوقت الحالي بظروف حساسة بسبب تهريب العملة الصعبة نحوالخارج، والحذر ينبغي أن يكون كبيرا من أصحاب الضمائر الحية لحماية المال العام من النهب، خاصة أن أسعار النفط مستقر في سقف مقبول ويمكن الاستفادة من ذلك في استكمال مساعي إنعاش الاقتصاد وتوسيع نسيج المؤسسات وتفعيل الاستثمار، ومواصلة إنجاز المشاريع الحيوية مثل البرامج السكنية ومختلف المنشآت القاعدية والضرورية.