طباعة هذه الصفحة

بجاية تتذكر شهداء الحرية

مجزرة دفع فيها الجزائريون ضريبة دم غالية

بجاية: بن النوي توهامي

كانت أشنع جريمة يندى لها جبين الإنسانية ولا يمكن محوها من سجل التاريخ، مهما فعلت فرنسا لتبييض صورتها أمام المجتمع الدولي، فرنسا الاستعمارية التي ارتكبت هذه المجارز وجرائم أخرى لم تتوقف منذ احتلالها للجزائر، تبقى دولة إرهابية. وسياسة الإبادة لها كبيرة ضد شعب أعزل خرج وثار من أجل المطالبة بالحرية.إنها مجازر الثامن ماي 1945 التي نتوقف عندها في هذا الملف اعتمادا على شهادات حية من صانعي الملحمة.
في هذا الصدد قال المجاهد سعدي إسماعيل، لـ»الشعب»، خرج الشعب الجزائري في الثامن ماي من عام 1945 ليعبر بلهفة عن فرحته بإنتصار قوات الحلفاء على النازية، وبالتالي انتظار وفاء المحتل الفرنسي لوعوده المتضمنة منح الحكم الذاتي لمستعمراته في حال تحقيق الانتصار، لكن فرنسا قابلته بلغة السلاح والقتل ولم تف بالتزاماتها وسقط قناعها الذي يخفي الغدر والخيانة، ومن الصعب محو جرائمها من الذاكرة الجماعية التي أبادت 45 ألف شهيد، قتلوا بالرصاص أوتفجير الطائرات أودفنوا في مقابر جماعية أوأحرقوا في الأفران.
وأضاف المجاهد أن هذه الإبادة الجماعية كانت مبرمجة ومتعمدة وهي مذبحة للمدنيين على نطاق واسع، وقد أعطت هذه الأحداث شحنة لأبناء الجزائر الذين حملوا السلاح، ودافعوا بكل ما أوتوا من قوة من أجل طرد الفرنسيين، مشيرا إلى أن الهدف من استرجاع هذه الذكرى هوالعبرة للأجيال، والتأكيد بأن الانتصارات التي حققتها الثورة لم تأت من عدم، بل بتضحيات جسام يشهد لها التاريخ.
من جهته، أكد الأستاذ عربوش إيدير، أنه حين عزم الجزائريون في مختلف أنحاء الوطن في الجزائر، وهران، بجاية، تلمسان، قسنطينة، مستغانم، قالمة، غليزان، سطيف، باتنة، بسكرة، عين البيضاء، خنشلة، سيدي بلعباس، سوق أهراس، شرشال، مليانة، سكيكدة، واد زناتي، سعيدة، عنابة، تبسة، سور الغزلان، على تذكير فرنسا بالوفاء بوعودها، قامت الآلة المدمرة للاحتلال الفرنسي بالاعتداء على المتظاهرين، حيث أطلقت الشرطة النار عليهم لترهيبهم وتخويفهم وسقط قتلى وجرحى بلا رحمة، وبالرغم من ذلك فقد تواصلت المظاهرات.
وأوضح عربوش أن فرنسا كانت تنسج مؤامرة في الخفاء لوقف المتظاهرين، ووقعت الكارثة التي لم يستوعبها أحد، حيث في يوم الثلاثاء الأسود 8 ماي 1945حدثت مجازر راح ضحيتها أزيد من 45 ألف شهيد، وكعينة عن هذه المجازر مدينة خراطة، حيث أن المتظاهرين رفعوا الراية الوطنية، وهتفوا بجزائر حرة مستقلة، وكانت إحدى السيدات التي تدعى بولغزوة محجوبة تطلق الزغاريد، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد أطلق قابض بريد خراطة آنذاك النار على أحد المتظاهرين وهوالمدعو شيباني الخير، وسقط بذلك أول شهيد، وبدأت عمليات الإبادة من طرف الجنود الذين أطلقوا النار عشوائيا على السكان دون شفقة.
وتجدر الإشارة إلى أن الأسرة الثورية بمعية السلطات المحلية بولاية بجاية، أحيت هذه الذكرى الأليمة على قلوبنا بنشاطات ثرية لإستلهام العبر واستذكار تضحيات الشهداء.