طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

عين على التغيير وأخرى على الاقتصاد

سعيد بن عياد
18 ماي 2019

تمر المجتمعات والبلدان بتغيرات طبيعية في حياة الشعوب، لكنها، خاصة تلك التي تدرك خطورة العولمة، تحرص على عدم الانزلاق في متاهات تكون لها تكاليف باهظة قد ترهن مستقبل أجيال بكاملها.
تمر بلادنا حاليا بمرحلة حساسة في ظل الحركة الاحتجاجية التي لا يجب أن تغفل التحديات الاقتصادية الراهنة والتي تلوح في الأفق، بحيث تتطلب التزام اليقظة لتجاوز تداعياتها السلبية.
 لقد أدرك الحراك مبكرا مدى خطورة الانسياق وراء دعوات تستهدف المنظومة الاقتصادية، خاصة القطاعات الحيوية تتقدمها المحروقات، التي راهن من حاولوا ركوب موجة الاحتجاجات، على تعطيلها لولا أن المسؤولية تغلبت بإحباط مشروع العصيان.
وما ينبغي الانتباه إليه، أن التوجه إلى جمهورية جديدة يكون وفقا لمسار هادئ ومتبصر يضع التحديات الاقتصادية والمالية في الصدارة، بنفس الأهمية التي تولى للمطالب السياسية. هذه الأخيرة ينبغي أن تكون منسجمة مع متطلبات التنمية التي تحتاج إلى ضخ إرادة أكثر قوة في دواليب الإنتاج في كل المجالات.
إن مسار التغيير كما يجري حاليا في ظل الهدوء ودرجة عالية من الوعي، يمكن أن يحقق المطالب في ظل العودة إلى خيار الحوار الشامل، بجلوس كافة الشركاء بما فيهم المعنيين بالاقتصاد والخبراء حول طاولة عنوانها الحرص على مصلحة البلاد وتأمين حقوق الأجيال.
 وفي زمن عولمة شرسة تستعملها القوى العالمية النافذة لاستهداف الدول الناشئة وكذا للهيمنة على الأسواق ومصادر الثروة، خاصة المحروقات والمعادن والمياه، من الضروري أن ينتبه المجتمع بجميع مكوناته لمدى المخططات التي تحاك من خلال محاولات التسلّل إلى صفوف الحراك لمحاولة المساس بمعنويات المواطن والتشويش على توجهاته السليمة وأبرزها حماية الاقتصاد والحرص على العمل المنتج.
ينبغي الحيطة من دعوات تثبط العزائم ذلك أن تضييع أي منعرج قد يكلف الكثير حاليا وفي المستقبل، بالنظر للتداعيات الناجمة عن أزمة أسعار المحروقات. وإذا كانت هذه الأخيرة تحقق تحسنا في الأشهر الأخيرة فإنها لا تكفي لوحدها لتغطية الطلب على تمويل الاستثمار، مما يضع القائمين على دواليب المنظومة الاقتصادية على درجة كبيرة من المسؤولية في تنشيط الدورة الإنتاجية وتقويم الاختلالات وتشجيع مسار النمو.
ويمكن اعتبار الشروع في رفع الغطاء عن الفساد وخوض معركة مكافحته ضمن المعايير القانونية والقضائية الشفافة بداية وضع الأسس لمرحلة جديدة، سوف تواكبها تطورات أخرى في نفس الاتجاه، ليتم رسم معالم مشهد اقتصادي متحرر من البيروقراطية، تسود فيه المنافسة، تكافؤ الفرص وحرية المبادرة وتختفي ممارسات تضخيم الفواتير ونهب المال العام وكل الأعمال الخبيثة التي تصنف في خانة ضرب استقرار الجزائر وتهديد مستقبلها.