طباعة هذه الصفحة

تجاوز عددهم الألفين بالجامعات الأوربية سنتي 1957 و1958

لم تقتصر مهمة الطلبة على نيل العلم لكن النضال من أجل الوطن

س. بوعموشة

 الدكتور هلال: هكذا خضنا معارك ضد المستعمر الفرنسي

أدرك الطلاب الجزائريون المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم، ومن ثم لم تقتصر مهمتهم على الدراسة فحسب، بل تعدت ذلك لتشمل ميادين أوسع ذلك لأن الطالب الجزائري قد أدرك بسهولة أن رسالته في الشرق العربي رسالة تبشيرية قبل أن تكون رسالة ثقافية. فهو يبشر بأهداف الثورة ويمثل البطولة ونضال جيش التحرير وعدالة القضية الوطنية، هذا ما أكده الدكتور عمار هلال أحد الطلبة المشاركين في الثورة في كتابه «نشاط الطلبة الجزائريين إبان ثورة نوفمبر 1954».
لإعلاء كلمة الحق ذاق الطلاب الجزائريون، مرارة الحرمان والجوع والمرض والألم، وعانوا كثيرا من قساوة الحياة وشظف العيش، اعتبرهم الإستعمار خطرا وأخضعهم لمراقبة صارمة، يقول الدكتور هلال: «بالفعل ففي السنوات الأخيرة إنقطعت الإتصالات بيننا وبين الجزائر ...وبعد إنقطاع دام أكثر من 3 سنوات تمكننا في عام 1959 من تنظيم الإتصالات، ونحن نعرف أن جل طلابنا يريدون مغادرة مقاعد جامعة الجزائر المدافعة عن الإستعمار والموالية له ولاء أعمى»، مضيفا أن الرقابة الصارمة المضروبة عليهم من طرف الإستعمار، وعدم السماح لهم بالتنقل ومغادرة البلاد هما السببان الرئيسيان اللذان منعا طلابنا من مغادرة هذه الجامعة الأخيرة، ويصعب علينا تقدير عدد طلابنا في هذه الجامعة تقديرا حقيقيا.
من جهتها تقدر إدارة الإحتلال عدد الطلاب الجزائريين في جامعة الجزائر بحوالي 800 طالب، لكن حسب المعلومات المستقاة من الجزائر يوجد ضمن هذا العدد زيادة عن الطلاب في هذه الجامعة وهم الطلاب المسجلين في السنة التحضيرية للدخول إلى كلية الحقوق، تلاميذ مراكز التكوين الإداري وغيرها من المؤسسات التعليمية التي إستحدثها مؤخرا الإستعمار الفرنسي في الجزائر، ومن ثم فعدد الطلاب الجزائريين الحقيقي لا يمكن أن يتجاوز على أكثر تقدير 300 أو350 طالبا في جامعة الجزائر، من بينهم عدد هام يتعاطى مهنة التدريس أوالمراقبة الداخلية في الثانويات.
وأوضح هلال أنه من الملاحظ إنخفاض في عدد الطلاب الجزائريين في الجامعات الفرنسية منذ شهر أكتوبر 1958، ففي شهر أكتوبر من سنة 1957 نجد أكثر من 2.190 طالب جزائري مسجل في الجامعات الفرنسية، وقد إنخفض هذا العدد إلى 1.000 طالب في السنة الموالية، أما عن أعداد الطلاب الجزائريين في جامعة الجزائر، فتدعي إدارة الإستعمار أنه في أكتوبر 1960 كان حوالي 1.372 طالبا مسجلا في هذه الجامعة وهوعدد مبالغ فيه كثيرا، وبالنظر للأحداث الهامة التي كانت تعيشها البلاد والوضعية العامة التي كانت سائدة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هذا الرقم الذي قدمته إدارة الإحتلال صحيحا، اللهم إذا كانت تعني به كل التلاميذ المسجلين في المؤسسات التعليمية التي إستحدثها الإستعمار لذر الغبار في العيون.
وفي المؤتمر الرابع لإتحاد الطلاب الجزائريين الذي انعقد في تونس في أواخر جويلية، 1960 يؤكد أيت شعلال رئيس الإتحاد على هذه القضية في تقريره العام الذي تلاه على المجتمعين.
أرقام لها دلالات
يقدم المؤلف جدول لعدد الطلاب الجزائريين في أوروبا وفرنسا والجزائر خلال الفترة 1957-1960، بحيث بلغ عدد الطلاب في الجامعات الأوروبية 2.190 طالب من سنة 1957 إلى 1958، و1.500 طالب من 1958 إلى 1959، وفي غير الجامعات الأوروبية 600 طالب ما بين 1958 و1959، في حين بلغ عددهم في الجامعات الفرنسية 1.000 طالب في نفس الفترة، وفي جامعة الجزائر من 1956 إلى 1957 بلغ العدد حوالي 250 وحوالي 392 من 1957 إلى 1958، و814 من 1958 إلى 1959 و1.317 من 1959 إلى 1960 و1.372 ما بين 1960 و1961.
عدد الطلبة في المغرب 440 طالب، و536 في تونس، و123 طالب بالعراق و9 طلاب و36 طالب بالكويت، و19 طالب بليبيا، و130 طالب بمصر، و76 طالب بسوريا. أما في البلدان الإشتراكية الأوروبية فنجد الطلاب يتوزعون في بداية السنة الجامعية 1960-1961 وهوالذين يتمتعون بمنحة في هذه البلدان، أربع طلاب بألبانيا، و25 طالبا ببلغاريا، و82 طالب بألمانيا الشرقية ، و11 طالبا بالنمسا، وتسع طلاب برومانيا، و35 طالبا بتشيكوسلوفاكيا و32 طالبا بروسيا و42 طالبا بيوغسلافيا، 75 طالبا بألمانيا الفيدرالية، 11 طالبا ببلجيكا، وطالبا واحد بكل من دول كندا، إنجلترا، إيطاليا، و3 بالنرويج، وطالبين بالسويد و135 طالبا بسويسرا، و41 طالبا بالولايات المتحدة الأمريكية في كل من تخصصات أداب، حقوق وعلوم سياسية وإقتصادية، علوم، طب وصيدلة، هندسة، تقنيون، وفي الطور الثانوي وأطوار أخرى. وهذا حسب جريجة أفريك أكسيون جويلية 1961.
الطلبة الجزائريون المسجلين في الجامعات الفرنسية خلال السنة الجامعية 1959-1960 بلغ عددهم 1230 طالب بما في ذلك الأقسام التي تهيئ للدخول إلى المدارس العليا «480طالبا» والجامعات (750 طالبا»، حسب التخصصات آداب، حقوق، علوم، طب وصيدلة، وبجامعة الجزائر العاصمة بلغ العدد 589 خلال السنة الجامعية 1953-1954، و814 خلال 1959-1960 منهم 151 يتمتعون بمنحة.
كان صيف سنة 1959 المرحلة الحاسمة التي بلغ فيها الطلاب الجزائريون في الشرق العربي والمغرب العربي غايتهم في التنظيم، والود والتلاؤم الفكري والسياسي.اتسعت نشاطات الطلاب الجزائريين وتعددت لتشمل أكثر من هيئة طلابية واحدة. وبعد إعتقال أحمد طالب الإبراهيمي سنة 1956 بدأ الطلاب الجزائريون يفكرون جديا في إيجاد تنظيم شامل وكامل لكل الطلبة الجزائريين في الشرق العربي.
وبمبادرة من مسؤولي الطلبة الجزائريين في سوريا انعقدت ثلاثة لقاءات بين الطلاب الجزائريين في الشرق العربي انبثقت عنها في سنة 1958 «رابطة الطلاب الجزائريين في الشرق العربي».
تعدد النشاط الثقافي للطلبة الجزائريين في سوريا وشمل مجالات واسعة، ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الوطنية والتعريف بآفاقها وتطور أحداثها داخليا وخارجيا، ومن أجل ذلك أوجد الطلاب الجزائريون بالتعاون مع إخوانهم الطلبة المغاربة «رابطة طلاب المغرب العربي» مجلة، كفاح المغرب العربي التي صدرت منها 4 أو5 أعداد تضمن معظمها أحداث الثورة الجزائرية وكفاحها البطولي. كما أسس فرع إتحاد الطلاب الجزائريين في سوريا مجلة أخرى بعنوان «نشرة ثقافية» التي بدأت تصدر في دمشق ضمن هذا الإطار ابتداء من 1 جانفي 1960، ولا نعرف بالضبط عدد الأعداد التي صدرت من هذه المجلة، التي لم تخرج عن النطاق الذي ناضلت فيه المجلة السابقة (كفاح المغرب العربي».