طباعة هذه الصفحة

أخرج المواطنين إلى أجواء احتفالية

المنتخــــــــــــــــب الوطــــــــــــــــني يصنــــــــــــــــع أفــــــــــــــــــراح الجزائــــــــــــــر

فتيحة كلواز

«وان. تو. ثري فيفا لالجيري» تهتف بها ملايين الحنجرات

هو سحر الكرة الذي سكن قلوب الكثيرين وجعلها تنبض فرحا وسعادة، هو الجنون الذي ازاح عن الجزائريين غمامة حولت يومياتهم لسنوات طويلة الى مجرد عمليات حسابية تترنح بين زيادة أو نقصان، هي اللعبة التي أخرجتهم نساء ورجالا الى الشوارع للتعبير عن فخرهم بانتمائهم الى هذه الأرض التي ما زالت تنبت طيبا وأصيلا، انها كرة القدم التي أبانت منذ شهر عن فريق وطني جزائري تشبّع هويته حتى الثمالة.

قبل شهور لم يكن يراهن أي واحد منا على الملحمة التي صنعها أبطال الجزائر في ارض الكنانة، بل كان أكبر تخوفنا خروجنا من الدور الأول بثلاثة انهزامات خاصة وان الجزائر تعيش منذ 22 أسبوعا مخاضا عسيرا يحاول فيه الشعب قلب صفحة التاريخ لكتابة أخرى جديدة، لكن ومنذ أول مقابلة أدرك الجميع اننا امام يوم جديد كنا في السابق نظنه غد مستحيل تحقيقه في الظروف الراهنة.
كما خرج الجزائريون دفعة واحدة يبحثون عن «بادسيتهم» و»نوفمبريتهم» في سلمية ادهشت العالم، خرجوا دفعة واحدة للتعبير عن سعادتهم بنتائج منتخبهم الوطني في البطولة الافريقية في صور جابت مختلف المواقع والفضائيات كاشفة في مختلف تفاصيلها عن هوية ضاربة جذورها في التاريخ لم تستطع المجتمعات محوها أو الاخلال بها، فمن باريس الى مونتريال الى تركيا وبريطانيا خرج الجزائريون وان كانوا اكتسبوا جنسيات أخرى للاحتفال لما حققه محاربو الصحراء.
في المقاهي والساحات العامة تجمع الجزائريون لمتابعة مقابلات فريقهم ما اعطى صيف 2019 نكهة خاصة ليصبح اهتمام الجميع واحدا هو المستحيل يتحقق بخطى ثابته لا مجال للحظ فيها، لتتحول الكرة المستديرة منذ 23 جوان الماضي المصدر الوحيد لإشباع رغبة الجماهير الجزائرية في الفرح والسعادة، بل أعطت يومياتنا دفعة من الحب والامل حتى أصبح شعار «ياس وي كان 2019» يتلاعب بعقول الكثير منا لان الكثير منا لم يستوعب ما فعله الناخب الوطني حتى أصبح من ظنناهم انتهوا رياضيا يصنعون افراحنا وسعادتنا، كيف تمكن من إيجاد التوليفة السحرية لجعل كل واحد من هؤلاء يعطي كل  مايستطيعه بعيدا عن الحسابات و التلاعبات؟، كيف فعل ذلك والفريق تعرض الى فضيحة اللاعب بلقبلة الذي تم تغييره في اخر لحظة حتى ان أغلبنا ظنها قاتلة للفريق الوطني بل و سبب مقنع ليفقد تركيزه؟، كيف فعل ذلك وهو ابن المهجر الذي يشككون دائما في ولائهم؟؟.
طبعا لن يفوت المنتهزون الفرصة في خلق تجارة موازية لكل ما يتعلق بالفريق الوطني من رايات، أقمصة، ساعات تتلون بالعلم الوطني، قبعات وسلع أخرى تباع بأثمان باهضه حتى وصل سعر القميص الى 4000دج والبوق بـ 650دج، التجارة الموسمية تلك تغير سلعها بحسب نبض الشارع فبعد أيام فقط سيعرضون كل ما تعلق بعيد الأضحى ثم الأدوات المدرسية وهكذا دواليك، لكن طبعا المشتري موجود وان غلى الثمن لان الفرح يجود على صاحبه بالجود، المقاهي أيضا استطاعت ان تجد لنفسها زبائن فاضت بها قاعاتها حتى وقفوا في الشوارع و الأرصفة المحاذية فقط لمتابعة المقابلات وسط جماهير غفيرة هروبا من المنزل و قيوده.
الصور كثيرة ميزت هذه الكان ولن نستطيع التحدث عنها جميعا لان ما عشناه وعايشناه كان خارقا لا يمكن وصفه اختلط فيه كل شيء كانت خلاصتها ان الإخلاص والتفاني والنية الصادقة تصنع المعجزات، والاتقان يعطي صاحبه اللمسة السحرية التي بإمكانها تغيير الواقع بكل سلاسة و أريحية،...ففي هدوء تام خرج الشعب الى الشارع منذ شهور دون كلل أو ملل، دون أي مساس بالسلمية، واليوم فريقنا الوطني يهدينا جزائريتنا بطبعة جديدة توحد فيها الوطن و الشعب ما ارجع الى قلوبنا احلاما كثيرة كانت قد غابت عنا منذ سنوات.