طباعة هذه الصفحة

دفاتر الأيام

حدث هذا.. أسرار وراء الميكروفون

فؤاد بن طالب

رحلة المعلق تمر حتما بمراحل  شتى منها صعوبة نقل المباراة بدقة وفي وقتها المحدّد، وهذا ما يتطلّب من المعلق الاذاعي أن يكون جاهزا ومتواجدا في غرفة التعليق قبل المباراة بحوالي  (٢) ساعتين تقريبا وقد حدث لي هذا في السبعينات بملعب تيزي وزو، حيث انطلقت المباراة بين سريع الكواكب (آن ذاك) أي الشبيبة ومولودية الجزائر، فتحوّلت من صحافي إلى تقني رغبة مني في نقل المباراة في زمانها المحدد لكني لم أفلح فتحدثت مع المكلف بتشغيل الخطوط فرد عليّ (ماعندي ماندير) فما كان عليّ إلا أن أنتقل من غرفة التعليق والاستعانة بهاتف الملعب من أجل تقديم التشكيلة والأجواء الأولية بملعب أول نوفمبر بتيز ي وزو على الأقل الى مستعمي ومتتبعي القناة الأولى، وأثناء عودتي الى غرفة التعليق وجدت التقني جالسا في مكان التعليق والساعتين على أدنيه كأنه هو الناقل للمباراة فسألته ما سر تواجدك جالسا على كرسي التعليق فأجابني ببرودة دم وباحترام، فقال لي ان القناة الأولى لم تبعث للبريد برقية لتحضير الخطوط للقناة الأولى عكس القناة الثالثة كانت خطوطها جاهزة للبث فحييته على اجابته.

بين الشوطين حدث جديدا!
وأثناء الاستراحة بين الشوطين ناداني تقني البريد وفاجأني بكلمة تعالى يا سي فؤاد «أندير فيك مزية» فأمنحك مدة دقيقتين  للاتصال بالمنشط لخضر حمزة بالاستديو المركزي بالهاتف لإعطائه وللمستعمين التشكيلة ونتيجة الشوط الأول، فقلت له شكرا، المهم أن القناة الأولى تبقى لها بصمة متميزة في نقل المباريات ففرح ذات التقني وشكر القناة الأولى وكل عمالها قائلا، بالفعل انها قناة متميزة وتبقى هي الأعلى في سماء التعليق الرياضي وطنيا ودوليا. فتمت عملية التعليق الجزئي عن طريق هاتف البريد وحققت القناة الهدف الذي انتقلت من أجله وهو تقديم الملخص والنتيجة وهذا هو الأهم انها طرائف الميكروفون، حدث هذا في ملعب أوكيل رمضان.

طرائف أخرى في نفس الملعب
أكثر من شهر والحديث يدور عن ملعب أول نوفمبر الجديد وماهو الفريق الذي سيلعب مقابلة افتتاح أمام شبيبة القبائل فكثر الكلام، عن مولودية الجزائر ـ اتحاد الجزائر شباب بلوزداد، وفاق سطيف، لكن بعد مدّ وجزر اتفقت الاتحادية مع مسؤولي الشبيبة آنذاك ويكون صاحب الحظ جمعية الشلف، وفي اجتماع بالقسم الرياضي ترأسه المرحوم محمد صلاح، والمنشط لخضر حمزة وزملاء القسم الرياضي لاختيار المعلق الذي سيدير لقاء الافتتاح فكان الاختيار على (فؤاد بن طالب) غير أن هذه المباراة سال الحبر كثيرا عليها في الجرائد وكثر الحديث عنها أيضا في القنوات الاذاعية والتلفزة والجميع رشّحوا فوز الشبيبة وحتى المتكهنون والمحبون لأبناء جرجرة وكانت شبه اجماع قبل اجرائها بأن نقاطها لن تخرج من حديقة أول نوفمبر بتيزي بحكم قوة الفريق الذي يضمّ عيبود، حناشي، عمارة بحبوح وغيرهم.

دقت ساعة الجد فوق البساط الأخضر
كان ذلك اليوم عرسا كبيرا بملعب أول نوفمبر الذي يفتتح لأول مرة في وجه أنصار الشبيبة وأنصار جمعية الشلف التي كانت هي الأخرى تضمّ نجوما من نوع خاص، على غرار مكسي، بوهلة، مغارية وآخرين، وكان الجميع في ترقبّ تام من جمهور وصحافة مسموعة، ومكتوبة ومرئية، الكل ينتظر خروج التشكيلتين، وقبل انطلاق المباراة، ونحن كمعلقين مركزين على أن تنطلق المباراة، فسألني أحد أنصار الشبيبة من سيفوز ياسي فؤاد فكان جوابي بكل روح رياضية وتلقائية قلت له أنا معلق محايد (لكن رياضيا فالشلف هي التي ستفوز).


هدف دربال في الدقيقة الأولى
وأمام 30 ألف متفرّج من أنصار الفريقين انطلقت المباراة، وكانت بدايتها قوية نظرا لقوة تركيبة الفريقين البشرية، فكان هدف السيف لجمعية الشلف عن طريق دربال، بعد تمريرة قاتلة من مكسي تمكّن من تسجيل هدف تاريخي في مرمى الشبيبة وكان الرهان لصالحي (رياضيا) والساهرين والآكلين والشاربين طبعا هم أنصار الشلف المتواجدون بكثرة في المدرجات.

الكثيرون يعتبرونني شلفيا
نظرا لتواجدي بكثرة في ملعب الشلف لتغطية مباريات البطولة آنذاك، وهذا حب الاطلاع لدى المستمعين الكرام أنهم يعتبرونني «شلفيا» وغطيت الكثير من النشاطات هناك، رغم أنني من قرية الحامة، ولاية سطيف، وكبرت في العاصمة.

الحكم حافي راسو ومغاريا
من الطرائف النادرة كذلك وقع هذا في ملعب الشلف (القديم) يوم أشهر الحكم حافي راسو البطاقة الحمراء في وجه مغارية وكنت على المباشر مع المستمعين، فكان تعليقي على الحكم حافي ومغارية والبطاقة الحمراء كنكتة، فالحكم يطلب من مغارية مغادرة الملعب ومغارية يستعطفه طالبا سماعه يقول  له (راح نتفاهم).

الأستديو والمنشط حمزة
طال الوقت في ملعب الشلف من قصة حافي ومغارية، فالزميل لخضر حمزة يريد أن يعرف هذه الاشكالية ولماذا طالت، فسألني بلغة المنشط الذكي والعارف لأسرار التنشيط والتدخلات قائلا، ماهذه المسرحية يا فؤاد فابتسمت وقلت له انها مسرحية حكم ولاعب موهوب فاعتذرت للمستعمين، وقلت لحمزة من يشاهد هذا الموقف يتخيل كأن الحصانين «الأسود والأبيض» يتسابقان من أجل الميدالية الذهبية، وفي النهاية تمكّن الحصان الأسود من إخراج مغارية الى غرفة الملابس بعقوبة 5 مباريات نافذة..

نكتة طريفة
كنت في إحدى السهرات الى غاية الفجر بالعاصمة، وكنت معينا لنقل مباراة شبيبة القبائل وفاق سطيف وأثناء وصولي الى البيت في الصباح متأخرا شعرت بدوران في رأسي، الأمر الذي جعلني متردّدا في الالتحاق بالاذاعة والذهاب الى تيزي وزو، وأخيرا عقدت العزم على الذهاب ونقل المباراة وكانت من أجمل المباريات التي نقلتها عبر القناة الوطنية من حيث دقة التعليق وشموليته، مما جعل صديقي ورفيق الدرب لخضر حمزة يستفسر على الهواء ويقول لي، هل أكلت كيلو من العسل البارحة أم شربت لترا من «الزيت القبائل» فأجبته والقهقهة تملأ الميكروفون أنه من فعل سهرة البارحة التي استنشقنا منها الأكسيجين النظيف، وطالما أن السهرة مفيدة الى هذه الدرجة لك سهرة على حسابي كل أسبوع خدمة للرياضة وخدمة لمستمعي القناة الأولى.