طباعة هذه الصفحة

دعا إلى إقامة العدل بين النّاس في المراحل الإجرائية

زغماتي: مسؤولية القضاء اليوم أكثر ثقلا من الأمس

ورقلة: إيمان كافي

 تفعيل دور الجهات القضائية ذات الاختصاص الإقليمي الموسّع
 المواطن يتطلّع إلى عدالة حاسمة في مواقع الحسم ومنصفة في مواطن الإنصاف

أكّد، أول أمس، وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي، أنّ مسؤولية القضاء اليوم أكثر ثقلا من الأمس، ولا يدرك حساسيتها إلاّ المخلصون في هذا الوطن، الذين لا يزالون دؤوبين على أداء الأمانة تحضيرا لتسليم المشعل لجيل الشباب، مشدّدا على أنّ استمرارهم في أداء مهمتهم النّبيلة لن يكون على أكمل وجه ما لم يرافقه المجهود الصادق لأولئك الذين أسند إليهم واجب المساهمة في إقامة العدل بين الناس في المراحل الإجرائية المختلفة للدعوة جزائية أو مدنية كانت.
 خلال مراسم تنصيبه لرئيس مجلس قضاء ورقلة محمد رقاد في إطار الحركة التي مسّت سلك رؤساء مجالس القضائية، أشار وزير العدل إلى أن ما ينتظر من هذه الحركة هو إعطاء نفس جديد للعمل القضائي، ولاسيما في هذا الظرف الذي تشهد فيه البلاد حركية شعبية غير مسبوقة، تبوّأ فيها مطلب استقلالية العدالة مقدمة المطالب وأولى الأولويات بالنسبة لكل المواطنين الذين يتطلعون إلى عدالة جديدة متطورة، حاسمة في مواقع الحسم ومنصفة في مواطن الإنصاف، مرافعة للتقدم والنهوض ومتصدية لكل مظاهر الانحراف والعلل والإجحاف، مضيفا أنّ المطلوب من الأجهزة القضائية اليوم وأكثر من أي وقت مضى العمل على ترقية العمل القضائي، وتحسين أداء المرفق العام للعدالة، ومواكبة تطورات المجتمع وطلبات المواطن من أجل تعبيد الطريق لتعزيز ثقته في العدالة وقراراتها.
وذكر الوزير بلقاسم زغماتي خلال كلمته بالمناسبة، أنّ من الجرائم الخطيرة التي تعاني منها بلادنا لاسيما بالمناطق الجنوبية والحدودية بشكل عام ظاهرة التهريب، خاصة التي تمس المواد المدعّمة بمجهود كبير من الخزينة العمومية، والتي تشكّل انحرافا سلوكيا من بعض الأشخاص، الذين يفتقرون لأدنى إحساس بواجبهم اتجاه وطنهم ومواطنيهم، الذين يساهمون بذلك في تبديد مقدرة الأمّة وحرمان المشاريع ذات المنفعة العامة من الإيرادات، التي كان من الممكن أن تحقّق بفضل الجباية الجمركية والضريبة التي يتهرّبون منها.
وأوضح المتحدّث أنّ خطر التهريب يتعدى هذا ليولّد منافسة غير شريفة وغير عادلة تلحق الضّرر الكبير بالمؤسسات الاقتصادية وبالتجار النّزهاء، الذين يمارسون نشاطهم التجاري في إطار احترام القانون، حيث تشكّل هذه الآفة التي تعد اعتداءً خطيرا على حقوق الأفراد والأمة تهديدا خطيرا على سلامة المستهلك بسبب المواد المغشوشة أو ذات النوعية الرّديئة التي تستورد بطرق غير شرعية دون خضوعها للرّقابة.

الجرائم الخطيرة تتغذّى بالفساد وتغذّيه

وعرج زغماتي على مدى الارتباط بين شبكات الإجرام التي تقف وراء هذه الجرائم الخطيرة بما يسمح لها بتبادل الخبرة الإجرامية لتحقيق هدفها في الحصول على رؤوس أموال ضخمة، إذ تجد المجموعات الإجرامية - كما ذكر - ملاذها الآمن في اللجوء إلى تبييض الأموال، بخلق روابط وظيفية مع بؤر الفساد المندسة في النسيج الاجتماعي والمؤسساتي، مضيفا أن الفساد يشكل عاملا لازدهار نشاط التهريب وانتشار آفة الاتجار في المخدرات واستهلاكها وغيرها من الجرائم الخطيرة التي تتغذى بالفساد وتغذيه، وهو ما من شأنه أن يقوي المجموعات الإجرامية ويساعدها على تحقيق أهدافها الإستراتيجية في التحكم مع مر الزمن في القرار الإداري بل وحتى تطمح للقرار السياسي.
من هنا أكّد المتحدث على أنّ في بلادنا عيون تسهر عاملة على امتداد حدودنا الشاسعة من أجل استئصال هذا الداء الخطير من خلال الجيش الشعبي الوطني الذي يؤدي أفراده الأمانة خير أداء، موضحا في ذات السياق أن رفع التحدي في التصدي للإجرام الخطير ليس بالأمر العسير، خاصة وأن بلادنا تتوفر على طاقات صادقة في جميع أطياف المجتمع المدني والمؤسسات المكلفة بالوقاية ومكافحة هذه الآفات الفتاكة.
وأضاف الوزير أنّه وبقدر ما حظيت بلادنا بهمم ساهرة على أمن واستقرار البلاد، بقدر ما تبقى اليقظة واجبة على الجميع وذلك بتجنيد كافة آليات الوقاية والردع في إطار احترام الحقوق والحريات لا سيما الحق في المحاكمة العادلة، مشيرا إلى أن تفعيل دور الجهات القضائية ذات الاختصاص الإقليمي الموسع يكتسي أهمية قصوى باعتبارها مختصة في مكافحة هذا النوع من الإجرام، ويقتضي ذلك منحها صلاحيات أوسع في مجال إدارة التحريات وتوجيهها بتأطير من النيابة المتخصصة بما يضمن تكفلا نوعيا بها، كما يتعين الأمر أيضا تدعيم تشكيلتها بقضاة ذوي الكفاءة الأكيدة في المجالات ذات العلاقة بطبيعة الجرائم المحالة إليها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف - يضيف الوزير - يتوجب إدخال التعديلات اللازمة على قانون الإجراءات الجزائية في أحكامه المتعلقة بهذه الجهات القضائية، بما يضمن كل الفعالية في محاربة الإجرام.
يذكر أنّ الوزير بلقاسم زغماتي خلال وقوفه رفقة المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج مختار فليون على أشغال ورشات مشروع إنجاز وتجهيز المؤسسة العقابية ببلدية حاسي بن عبد الله بالولاية ورقلة، والذي تبلغ طاقة استيعابه 300 نزيل أكد على ضرورة التسريع في وتيرة الإنجاز والتكفل بتدعيم المنشأة بطاقم طبي وتربوي.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الزيارة سجّلت تنظيم مجموعة من المواطنين لوقفة احتجاجية أمام مجلس قضاء ورقلة، ردّدوا خلالها شعارات منادية بضرورة فتح ملفات الفساد على المستوى المحلي.