طباعة هذه الصفحة

السفاح، الأديب ومجزرة أكتوبر...

أمين بلعمري
16 أكتوير 2019

هذا اليوم من سنة 1961 لم تكن ليلته كسائر ليالي باريس لأن السفاح، موريس بابون محافظ شرطة العصمة الفرنسية حينها أعطى أوامره إلى عناصره باستعمال كل الأساليب التي تعلّمها على يد النازيين عندما كان متعاونا معهم في حكومة فيشي؟ والنتيجة كانت قمع وحشي ودموي للمتظاهرين من المهاجرين الجزائريين الذين خرجوا بصدور عارية ضد قانون حظر التجوال الذي كان يسري عليهم فقط دون سواهم، في تمييز عنصري فاضح لم تشهده إلا دولة الابارتهايد لاحقا وألمانيا النازية قبلها؟.

 القتل والاعتقال كان على الملامح، فأي شخص كان يحمل ملامح مغاربية، جزائرية أو عربية بشكل عام كان يتم اعتقاله على الفور والزج به في زنزانات بابون وتشاء الصدف أن يكون الروائي والكاتب الكبير غبريال غارثيا ماركيز، شاهدا على ذلك القمع الوحشي حين تم اعتقاله هو الآخر من طرف الشرطة الفرنسية ظنا منها أنه جزائري حيث يتم الزج به في أحد الزنزانات التي كانت تعج بالجزائريين الذين تم اعتقالهم يوم الذي تحوّلت فيه حتى الملاعب، قاعات السينما وفضاءات أخرى إلى معتقلات ومراكز لاعتقال وتعذيب، بعدما ضاقت زنزانات مخافر الشرطة بمعتقليها من جزائريين الذين كانوا محظوظين من إخوانهم الذين تم إلقائهم في نهر السين مكتوفي الأيدي من طرف عناصر موريس بابون يحاكي جريمة "جمبري بيجار"، لا فرق بين الجريمتين إلا طعم الماء أما العذاب النفسي فكان واحد والفرق بين بيجار وبابون هو أن الأول كان يغرس أرجل الجزائريين في كتلة خرسانية وبعد جفاف الاسمنت يتم إلقاء صاحبها من المروحية في البحر بينما اكتفى موريس بابون الذي لم يكن لديه الكثير من الوقت، ربما، بتكتيف أيديهم والإلقاء بضحاياه في نهر السين ولا حيلة إلا الغرق الأكيد؟

اليوم تحل الذكرى 58 لمجازر 17 أكتوبر 1961 وتحل معها ألم ومرارة تلك المجزرة الوحشية التي لا يمكن أن تنسى أو تنمحي من ذاكرة الجزائريين ومن ذاكرة الإنسانية وكذا من ذاكرة أولئك الذين كانوا شاهدين على تلك الليلة السوداء التي تبقى نقطة سوداء في جبين الجمهورية الفرنسية 5 التي ترفع شعارات الأخوة، المساواة والحرية؟!.