طباعة هذه الصفحة

علامة بارزة

سعيد بن عياد
04 نوفمبر 2019

يشكل نجاح وساطة الجزائر في حل أزمة الرهائن الأمريكيين بطهران سنة 1979، علامة بارزة في سجل الدبلوماسية الجزائرية حين أثمرت جهودها في معالجة أزمة شغلت العالم بأسره وضعت الأمن والسلم الدوليين على المحك غداة الثورة في الإيرانية بقيادة الخميني وإسقاط الشاه حليف أمريكا في زمن الحرب الباردة.
لقد استطاعت الجزائر بما لها من مصداقية واحترام لدى طرفي النزاع مستمدة من تاريخ عريق في النضال خدمة للإنسانية العدل والدفاع عن حقوق الشعوب وترقية المبادئ الإنسانية أن تفك أسر 52 دبلوماسيا أمريكيا كانوا وقتها قيد الأسر طيلة أكثر من 400 يوم.
بالتأكيد لم يكن أمرا هيّنا التكفل بملف بذلك الحجم والتعقيد والتداعيات، لولا أن الحنكة والتبصر والمصداقية إلى جانب الوضوح في المواقف التي طبعت ولا تزال دور الجزائر، في العلاقات الدولية وتسويق دبلوماسية فعالة ومنتجة للسلم في إطار الحوار والتمسك بحقوق الشعوب. إنها دبلوماسية أصيلة نابعة من تطلعات ومعاناة وتاريخ الشعب الجزائري وخاصة الرصيد الذي شكلته ثورة التحرير ومسار النضال المتشبع بقيم إنسانية راقية.
كان ذلك الإنجاز بحق المثال الرائع والفريد بشهادة الحكومات الأمريكية المتعاقبة مثلما أكدته سفارة واشنطن بالجزائر، كونه عملا خارقا يدرك الأمريكيون والإيرانيون مداه ووزنه في الارتقاء بالعلاقات الدولية إلى ما يضمن للشعوب حقوقها في الأمن والسلم، وهو نفس التحدي الذي تواجهه المجموعة الدولية اليوم أمام التهديدات المتعددة التي تستوجب تعزيز التعاون أكثر لإبعاد مخاطرها.
الرهائن الأمريكان، وربما منهم من لا يزال على قيد الحياة بعد أربعين سنة من تاريخ تلك الأزمة، يتذكرون كيف تنفسوا الصعداء وأدركوا قيمة الحرية حينما حطت طائرتهم بمطار الجزائر الدولي حيث تأكدوا أنهم حقيقة في أمن وسلام وكل ما حصل من الماضي.
إنها مواقف الجزائر التي تحفظها ذاكرة شعبي البلدين وتعد مفخرة للدبلوماسية الجزائرية التي لا تكل ولا تمل في حمل لواء الدفاع عن الحق وإنصاف المظلومين ومناصرة الشعوب المضطهدة، بل أكثر من ذلك تفكيك أزمات شائكة أطرافها من الدول التي لها تأثير في صنع القرارات الدولية.