طباعة هذه الصفحة

أعوج، خبير مالي يرصد بعض الجوانب الضريبية في قانون المالية:

فتح الشراكة الأجنبية يجب ضبطها باتجاه مستثمرين حقيقيين

سعيد بن عياد

يرصد الخبير المالي محافظ الحسابات «أعراب أعوج» بعض مؤشرات أحكام قانون المالية الجديد لسنة 2020، الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني ويطرح قريبا أمام مجلس الأمة، ليقف عند الجانب المتعلق بالضرائب، منطلقا من قانون اقتصادي معروف (منحنى لافير الضريبي) الذي يؤكد أن «المبالغة في الضريبة تقلل حتما من النشاط الاقتصادي، بحيث تتقلص المادة الخاضعة للضريبة ومن ثمة تقليص مردودية الضريبة نفسها وبذلك في النهاية الضريبة تقتل الضريبة، وبتعبير آخر يعتبر الرفع من معدلات الضريبة بمثابة انتحار اقتصادي وإجهاض للنمو».

في قراءة في المضمون لقانون المالية يتضح كما يشير إليه «أعوج أعراب» في تحليل لـ «الشعب» أن هناك توجه لاستعمال الضريبة كأداة للانتعاش الاقتصادي من خلال اعتماد الضريبة لاعادة تمويل الخزينة العمومية.
في ضوء تحليله حدد توقعات بشأن جملة من المواد.
بشأن الفوائد الموزعة وهي كل فائدة تحققها شركة دون إدراجها في رأس مال المؤسسة في ظرف 3 سنوات، يرى المتخصص أن عدم توزيع تلك الفوائد، خلافا لما يعتبر ضررا بالخزينة بسبب عدم إعادة استثمارها، معناه وضع تلك الأموال لتدعم خزينة المؤسسة وبالتالي يعاد استثمارها في استغلال وتنمية نشاطات المؤسسة، علما أن إعادة استثمار الفوائد لا يعني بالضرورة اقتناء تجهيزات.

توزيع أرباح الشركاء يحرم المؤسسة من السيولة

ويضيف محللا « بتحديد أجل ثلاث سنوات وبداية من 2016 فإن نتائج نشاط هذه السنة تكون خاضعة للضريبة طالما أن قانون المالية يسري من بداية 2020، أي تشمل 4 سنوات، علما أن الجمعيات العامة العادية التي تعلن النتائج المالية للمؤسسات تنعقد في السداسي الأول من 2020، ولذلك حريا برأيه أن يكون تطبيق هذا الاجراء لسنوات 2017 وما يليها.
ويضيف «أمام هذا، فان الشركاء يقومون بتوزيع أرباحهم مما يحرم بالضرورة المؤسسة من سيولة في خزينتها، والحد من رفع وتيرة النشاط وبالتالي ينتج عنه تقليص للنشاط والأرباح وبالتالي الضريبة نفسها».
مستطردا بالقول «الأكثر أن المؤسسات تكون ملزمة بإدماج فوائدها في الرأسمال الاجتماعي، مما ينتج زيادة في الأعباء تتحملها المؤسسة مثل تكاليف الموثقين والنشر في نشرية الصفقات وتغيير السجل التجاري وحقوق التسجيل».
لذلك الأفضل حسب محدثنا أعوج «العودة للعمل بالنظام القديم الذي يسمح إبقاء الفوائد مؤجلة مجددا».
حول المادة 19 تعدل المادة 147 مكرر، الخاصة بتحديد تقليص بعض الأعباء، يرى أنها «لا تميز بين الشريك بصفة شخص طبيعي والشريك بصفة شخص معنوي»، ويتساءل «هل عندما يتسلم الشخص المعنوي أي الشركة الفوائد ويوزعها، تخضع للضريبة على الدخل الإجمالي أم لا. واذا كانت كذلك، هناك ضريبة مزدوجة وبالتالي العبء الضريبي يتضاعف».
وبالنسبة للمادة 24 المعدلة للمادة 22 / إلغاء إعادة تخصيص 25 بالمائة للنشاطات في البناء والأشغال العمومية والري، يوضح أن هذا لا يشجع القطاع وإنما يضاعف من أعباء التسيير في وقت يجد فيه القطاع نفسه في أزمة.
وبخصوص المادة 45 المعدل للمادة 76 من قانون المالية وتخص منتوجات تخضع للرسم المنخفض على القيمة المضافة، فإن هذه المادة تكون لها نتيجة مغايرة للهدف المحدد، وبالتالي تحدث أثرا سلبيا على الخزينة العمومية. واذا كان في الماضي الخاضع للضريبة يجد صعوبات في السيولة، يصرح بعوائده ورقم أعماله المسجلة في مفتشيات الضرائب، فإنه مع التعديل الجديد، بالتأكيد يصرح فوائد لا شيء لتفادي (عدم التصريح)، مما يؤدي إلى صعوبات في إنجاز مهام المراقبة من جانب الإدارة ويعقد وضعية الخزينة.
وضع التزامات اقتصادية
للشريك الأجنبي
أما فيما يتعلق بالمادة 105 المعدلة  لقاعدة الشراكة الأجنبية (51/49 ) يقول أعوج « اذا كان في البداية يجب تثمين هذا التعديل للقاعدة المثيرة للجدل، فإن صياغة المادة تتضمن نقائص بحيث هناك مخاطر محدقة بالتأكيد، تهدد الاقتصاد الوطني في حالة عدم وضع ضوابط تمنع أي تلاعبات محتملة».
وبالفعل، كما يضيف « أخطاء الماضي علمتنا دروسا، وقد سبق أن حذرنا من كون تمكين أجانب بإنشاء شركات في مجال الخدمات بدون تمييز، وخاصة في مجال الاستيراد يؤدي إلى ترك الاقتصاد عرضة لكافة أنواع التحويل المالي، الذي يستنزف العملة الصعبة وهو ما يصعب مراقبته».
وفي غياب ضبط أكثر نجاعة «نحذر من أن يكون البلد أمام خطر مكلف يستفيد منه الطرف الأجنبي، كون فوائده تكمن في صادراته وليس في بيع منتوجاته في الجزائر، ولا يمكن اتخاذ أي إجراء قسري ضده، لذلك يجب منع كل أجنبي من إنشاء شركة خاضعة للقانون الجزائري للاستيراد وتحديدها في مجال الخدمات».
وبذلك «أن فتح الشراكة الأجنبية يجب أن تكون باتجاه مستثمرين حقيقيين بمعنى الكلمة، أي مع تقديمهم لمساهمة مالية بحد أدنى وليس من خلال نمط شركات ذات مسؤولية محدودة برأسمال لا يعني شيئا، لا يتعدى 100.000 دينار».
ويؤكد أنه من الضروري أن تشترط الدولة الجزائرية على المستثمرين الأجانب بعض الالتزامات مثل، حد أدنى وجدي للمساهمة المالية وإنشاء حد أدنى لمناصب العمل، وكذا عدم تحويل الفوائد المحققة خلال السنوات الأولى للاستثمار، إلى غيرها من الاجراءات التي تساعد على تحقيق أهداف النمو وتحقق روح الشراكة الإنتاجية المفيدة للجانبين، الاقتصاد الجزائري والشريك الأجنبي، الذي يعتبر المستفيد من السوق وكل ما يدعم الاستثمار.