طباعة هذه الصفحة

المنعطف الخطير

فضيلة دفوس
17 ديسمبر 2019

بينما يتحوّل غضب الشارع في العراق ولبنان إلى أزمات سياسية نراها تتصاعد تدريجيا لتغدو معضلات أمنية ستخلق مآسي جديدة في منطقة متخمة بالاضطرابات والتوترات، تواجه الجهة الغربية من الوطن العربي كتلة سرطانية نراها تكبر حجما يوما بعد يوم وتتزايد مخاطرها مهدّدة أمن واستقلال الإقليم كلّه.
في ليبيا ينزلق الوضع رويدا رويدا الى حرب أهلية حقيقية وذلك بعد أن وقع الإخوة الفرقاء في شرك جهات خارجية  تتنافس فيما بينها وتتصارع لأجل بسط نفوذها على أرض شيخ الشهداء عمر المختار التي تنام على ثروات لا تنضبّ وتحظى بموقع استراتيجي يثير الكثير من الأطماع.
لقد أخذ الوضع في ليبيا هذه الأيام، يتحوّل من أزمة جامدة تستمر منذ ما يقارب العقد من الزمن، الى حرب بالوكالة يخوضها الليبيون لصالح دول كثيرة تحرّك الفواعل الداخلية دون أن تكون لها صورة في الميدان حتى وإن كان الجميع يعرفها ويدرك خبث مقاصدها.
الأزمة في ليبيا ماضية لتتحوّل إلى حمّام دم كما حذّر المبعوث الأممي غسان سلامة، فحرب طرابلس المستمرة منذ أفريل الماضي مرشّحة لتلتهب أكثر بعد التهديدات التي وجهها المشير خليفة حفتر، وقد تشتعل البلاد بأسرها لا قدّر الله  لتحترق المنطقة معها، خاصة وأن التدهور الأمني الذي تعيشه ليبيا حوّلها إلى نقطة جذب وعبور للسلاح وللارهابيين الذين استباحوا أرضها وحوّلوا دول الساحل الى مستقرّ لتنظيماتهم الدموية التي تضع يدها على الزناد في انتظار الفرصة السانحة لتفجير الاقليم بمن فيه.  
 الخطر الأمني يتعاظم في الجارة الشرقية، والذين يصبون الزيت على النّار كثر، في حين أن الداعين للحوار والتهدئة قلّة وأصواتهم تكاد لا تسمع بسبب الضجيج الذي يحدثه زبانية الحروب والدماء، وحتى الأمم المتحدة المفروض أن تتحرّك بجدّ وسرعة لحلّ هذه المعضلة، فهي تكتفي بالتحذير، وحديثها عن مؤتمر دولي للسلام لم يرق إلى التنفيذ، ما يحبس الأنفاس ويثير الرعب خاصة بالنسبة لنا كدولة مجاورة.
إنّنا لا نستوعب كيف أن الأشقاء الليبيين لا يدركون بأن استمرار خلافاتهم واقتتالهم سيغرق السفينة بمن فيها،  لهذا نناشدهم الجنوح الى السلام والانخراط في حوار جدي يقوم على تنازلات من هذا الطرف وذاك لتجاوز الأزمة، وقبل ذلك وبعده، يجب عليهم وضع حدّ للتدخلات الخارجية فهي بالأساس سبب البلاء كلّه.