طباعة هذه الصفحة

تذكرة موت..؟!

أمين بلعمري
19 جانفي 2020

أول نتيجة تستخلص وأنت تشاهد الحافلتين اللتان خلفتا المجزرة المرورية التي استيقظنا عليها أمس بسطيل ولاية ورقلة، هي أن إحداهما أو كلاهما كانت تسير بسرعة جنونية وإلا ماكانت لتتحولا إلى كومة من الخردة الحديدية جرّاء ذلك الارتطام العنيف الذي خلّف 12 قتيلا وحوالي 50 جريحا والحصيلة مرشحة للارتفاع؟ وهذا احتساب التكلفتين الاجتماعية والاقتصادية؟

قد يعتبر البعض أنه من المبالغة تصنيف مثل هذه الأعمال في خانة (الإرهاب) لكن أليس من الإرهاب قيادة حافلة تقل عشرات الأرواح البريئة تحت تأثير مسكّر، مخدر أو حتى في حالة إرهاق، ألا يعتبر ذلك قتل عمد مع سبق الإصرار، بأي ذنب قتل هؤلاء؟ ثم أين ضمير أصحاب شركات النقل الذين يبيعون تذكرة موت مقابل دراهم معدودات وهم يكتفون بسائق واحد لقطع آلاف الكيلومترات دون توقّف، بينما هناك معايير وطنية وعالمية تنظم ساعات العمل وساعات الراحة؟ وقبل كل ذلك أين الهيئات الرقابية، أين السلطات العمومية، أين وزارة النقل ومديرياتها المنتشرة في مختلف ولايات الوطن؟ إلى متى تستمر هذه المأساة؟ إلى متى يبقى قطاع النقل غارقا في هذا العبث والفوضى وذلك يظهر بكل وضوح من خلال الحافلات التي لا يتوفر أغلبها على أدنى شروط السلامة والأمن، أما الراحة فهذا آخر الاهتمامات؟ وحتى وإن كانت المركبات مقبولة عموما تجد أن طاقمها لا علاقة له بالخدمة العمومية، لا هندام ولا سلوك.. ومن الخطأ الاعتقاد أن الأمر يقتصر على النقل للمسافات الطويلة لأن حتى ما يطلقون عليه (الحضري وشبه الحضري) لا يمت بصلة لا إلى الحضارة ولا إلى المدنية؟

وسط كل هذا المشهد المؤسف نتسائل لماذا لا نسجل مثل هذه الحوادث المميتة وهذا التسيّب المستشري لدى شركات النقل البري التابعة للقطاع العام؟ لماذا تحترم المؤسسات العمومية المعايير المهنية، بينما تهيمن الفوضى والتسيّب على القطاع الخاص والأمر لا يقتصر على النقل ولكن حتى في مجالات أخرى مثل الصحة، التدريس... الخ يبدو أنه علينا إعادة النظر في فلسفة القطاع الخاص في بلادنا لأن البعض يعتقد أنه "اندير واش نحب"نهأنأ؟.