طباعة هذه الصفحة

قصيدة

بكائية الغريب

الشاعر: لحسن الواحدي

بذرْتَ الحُـــزْنَ مُحْتَفلاً بغرسِــه
تُهادنُــــهُ  وأنت رهيـنُ حَبْسِــه
كَأنّـكَ ما خلِقْـــتَ سِوَى لـتُرْمَـى
بسَهْـمِ الْـمَـوْتِ أوْ تُسْقى بِكأْسِــه
غريبًـا عِشْــتَ في الدّنيـا وحيدًا
كبـدْرٍ هائمٍ  يَنْـــأَى بنَفْسِــه
نسجْتَ الحُـزْنَ سرْبــــالاً قشيبًــا
وعشْتَ تُغـازلُ الدُّنْيَــــــا بِلُبْســه
وصُغْتَ الدّمْعَــــــةَ الحرَّاء دُرًّا
يَسـوقُكَ خاطـــرٌ جَــذِلٌ بِـبـؤْسِـه
وغالَبْـــتَ القـوافي فاسْتكـــانَتْ
كَنُـورٍ في الضُّحَـى رهْنٌ لشَمْسِـه
وحارَبْـتَ الظّـلامَ وسِـــرْتَ فيــهِ
كمَـنْ يُحْـــيي أمانيَـــهِ بيَأسِـــه !
وصُغْـتَ الشّعْـرَ تُرْسِلُــــهُ طريًّـا
وتُسْعـدُ مَنْ بـهِ بلْـوى بـهَمْسِـــــه
ولـمْ تَكُ  تقتفـي أثَـــرَ القُـدامى
وَلا مَـنْ يشْتري غَـــــدَهُ بأمْسِـــه
ولـمْ تُنْكـرْ على المَاضيـنَ صُنْعًــا
وبعْضُ الأْمْــرِ مقتــرِنٌ بعَكْسـِــه
وسَايَـــرْتَ الرّكـابَ بلا امْتعـــــاضٍ
وحرَّمْـتَ القديـمَ بِدونَ طَمْسِــه !
وَما في خشخشات الصّدرِ همْسٌ
تُقَلّـــدُ فيــه مِـنْ رُومٍ وفُرْسِـــه !
فَمَا نَحتَـتْ يَدَاكَ وَضَعْـــتَ فيـهِ
وَمَا أغْـراكَ نِمْـتَ علـى دَمَقْسِـه !
رحلْتَ إلى الْخُلــودِ وكُنتَ تسْعى
إليْـــــهِ فنلتَــهُ،فانْعَـــمْ بِأُنْسِــه !
فمـــــا وطِء العُلَــــــى إلا ذوُوهُ
ومَا عافـــوا الثّرى إلاَّ لِبَخْسِــه !
(نديـمَ الحرْف) تذْكُـرُكَ القوافـي
إذا عَــدَّ الزّمـانُ بُنــــاةَ أُسِّـــه
وَتبْقـى الْبُلْبُلَ الصَّـــدّاحَ يشْـدُو
على أغصانِـــهِ زَهْـوًا بِعُرْسِـــــه
وصَوْتًا لا يَبُــــــحُّ ولا يُــــــوَارى
يُـذاعُ على المَسَامِـعِ هَـدْيُ دَرْسِــه
فليْسَ الْحَـــــيُّ مـنْ حَيِيَتْ خُطـاهُ
بِـلِ المـذْكـورَ بَعْـدَ وُلُـوجِ رَمْسِـه