طباعة هذه الصفحة

«سيدي يوسف» .. قُتل الأبرياء وصمد التضامن ؟ !

أمين بلعمري

ساقية سيدي يوسف عنوان مجزرة ارتكبها الطيران الحربي الفرنسي ضد أبرياء عزل في قرية حدودية آمنة تقع بين الجزائر وتونس، فقبل 62 سنة وفي مثل هذا اليوم من العام 1958 نفذت طائرات حربية فرنسية ضربات جوية على أحد الأسواق الأسبوعية بساقية سيدي يوسف ضد أبرياء عزّل باستخدام 25 طائرة حربية منها 11 قاذفة، 06 طائرات مقاتلة - قاذفة و 8 طائرات مقاتلة ؟ يعني كل هذا التشكيل الجوي من أجل استهداف آمنين أبرياء من التونسيين ومن إخوانهم اللاجئين الجزائريين الباحثين عن النجاة من حرب إبادة كان يشنها الاستعمار الفرنسي في الجزائر لإخماد الثورة، غير أن ذلك لم يشفع لهم حيث لاحقتهم أيادي الإجرام الآثمة إلى هناك وقتلتهم بدم بارد إلى جانب إخوانهم التوانسة، الهدف كان أكبر من ذلك لأنه كان يستهدف قتل التضامن والتلاحم بين شعبين شقيقين اختلطت معاناتهم، دماؤهم وأنسابهم ولكن قُتل الأبرياء وصمد التضامن؟
الحصيلة كانت مرعبة حيث استشهد في تلك العملية الإجرامية أكثر من 70 شهيدا بين تونسيين وأشقائهم الجزائريين المقيمين في مخيمات منظمة الصليب الأحمر التي لم يسلم عتادها هي الأخرى من قنابل الطائرات الفرنسية التي استهدفت شاحنتين تابعتين لها، أما الحصيلة الأثقل والأكثر رعبا فكانت بين الأطفال، حيث استشهد ما يفوق 20 من تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية؟
أكبر إساءة لأرواح شهداء تلك المذبحة هو أن نطلق عليها (أحداث ساقية سيدي يوسف)؟ بينما كل أركان الجريمة كانت موجودة، بداية من نيّة مسبوقة بإصرار وترصّد و إلا لماذا اختيار يوم سوق أسبوعي لتنفيذ الاعتداء؟ بينما يعلم الجميع أن الأسواق من أكبر التجمعات كما هو حال كل الأسواق الأسبوعية إن لم تكن هناك نية لقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء؟ ثم لماذا 25 طائرة حربية لضرب قرية أو حتى مدينة ؟ ألا يعطي ذلك الانطباع أنه كان لدى الإدارة الاستعمارية مخطط لإزالة ساقية سيدي يوسف بمن فيها من الوجود، و»لا من شاف ولا من دري»؟، كما يقول المثل ولكن يبدو أن وجود موظفي الصليب الأحمر كان وراء عدولها عن ذلك؟!