طباعة هذه الصفحة

تحت شعار «خاوة، خاوة»

سنة عن الحراك السلمي.. مكاسب تحققت وأخرى يحملها الدستور الجديد

آسيـا منـي

 تمر اليوم سنة على الحراك الشعبي السلمي الذي حرر الجزائر من قبضة المفسدين، 22   فيفري تاريخ أكد فيه الشعب الجزائري على أنه المصدر الحقيقي والفعلي للسلطة، بعد إصراره على إنقاذ الوطن من ممارسات العصابة، أربع عهدات لرئيس الجمهورية الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، كانت كافية لتحدث القطيعة مع الشعب، ليخرج على إثر إعلان الخامسة، الملايين الى الشارع مطالبين بالتغيير، إحتجاجات عمت أرجاء الوطن لاقت المرافقة من المؤسسة العسكرية ، فكانت المجيب لصرخة شعب  «سلاحه» الوحيد حب الوطن.  
هبة وطنية قوية تليق بمآثر تاريخ شعبنا المجيد  كانت ترمي الى إستعادة كرامة الجزائريات والجزائريين المهدرة وتشكل طموحا مشروعا لإستكمال إنجاز وعد نوفمبر 1954، وقد كانت المسيرة منذ البداية سلمية، حيث تصرف فيها الموطنون بكل  حكمة وصبر وعزم كبيرين مستفيدين من دروس الماضي، من أجل تحقيق دولة  الحرية والديمقراطية  الضامنة لتوفير شروط  وآليات الثورة السلمية الحامية والمحصنة  ضد كافة أشكال العنف.

« الجيش الشعب خاوة، خاوة»

وتحت شعار «خاوة خاوة»، عبر الجزائريون والجزائريات من خلال  هذا الحراك السلمي، عبر مختلف شوارع ربوع الوطن أن التنوع  ثراء وليس إنماء وإقصاء ، حيث عكست  المسيرات على مدار السنة والتي طبعت يومي الجمعة والثلاثاء، تلاحم هذا الشعب مع جيشه  ومع كل أطياف المجتمع ،و أظهر جليا للعيان وللرأي الدولي أنه شعب فخور بتنوعه وثرائه الإجتماعي، مؤكدا  في الوقت ذاته ان  الجزائر قوية بجيشها وشعبها، مقاربة يتم التأكيد عليها  في كل مرة تعيش فيها البلاد المحن والملمات، علاقة قوية ما فتئت تتعزز في كل مرة وذلك بفضل إلتزام قيادة الجيش الوطني الشعبي الذي لا طالما أكد حرصه على المصلحة العليا للوطن دون سواها.  أحداث مهمة عاشت على وقعها الجزائر سنة بكاملها، وكانت منعرجا حاسما في ميلاد جزائر جديدة، مهدت  لترسيم الـ22فيفري من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يوما وطنيا «لتلاحم الشعب مع جيشه». ملايين الجزائريين خرجوا في هذا التاريخ من عام 2019، بعد  صلاة الجمعة في أكبر مسيرة لم تكن في الحسبان، ولم يعرها النظام  السابق  أي تخوف لتكون الضربة التي أسقطت العديد  من الأسماء، مسيرة  صدحت فيها حناجر الجزائريين المطالبة بالتغيير. إرادة شعبية قوية وآمال كبيرة في جزائر جديدة، جعلت الجيش الوطني الشعبي بقيادة فقيد الجزائر، الفريق أحمد قايد صالح يحتضنها ويرافقها، ما أفضى إلى إستقالة الرئيس السابق قدمها الى المجلس الدستوري، تبعتها سلسلة من المتابعات القضائية طالت مسؤولين ورجال أعمال بتهمة التآمر على سلطة الدولة وأخرى بسبب تبديد الأموال العامة.
مواقف المؤسسة العسكرية كانت واضحة في مرافقة الحراك، دون قطرة دم واحدة، موقف سيظل التاريخ  يحفظها  للأجيال، فانخرط بعدها الجيش الوطني الشعبي في مسعى تخليص الجزائر من أزمتها  بعيدا عن أي طموح سياسي، ومكن الجزائريين من إختيار رئيسهم  دستوريا عبر خيار الصندوق، ليتم الإعلان عن فوز عبد المجيد تبون في تاريخ الـ13 ديسمبر من قبل اللجنة المستقلة للانتخابات.
إحتجاجات جماهيرية طبعتها السلمية، منذ إندلاعها في تاريخ 22 فبراير، عبر كامل التراب الوطني  للمطالبة بإسقاط العهدة الخامسة، رافضين ترشح الرئيس  السابق عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية أخرى، حراك شعبي  لقي متابعة إعلامية وطنية، عربية ودولية، على نطاق واسع، تبعتها ردود كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي صنعت الفارق في نقل الحدث ببثها المباشر لكل مراحل الحراك التي مرت بها البلاد ومختلف الحركات الاحتجاجية المنظمة على خلاف يوم الجمعة.  لتسجل الجزائر حراكا شعبيا أسقط أسماء كان لها يد  ضالعة في الفساد وتبديد المال العام، لتبقى بذلك المسيرة في جزائر العزة والكرامة يضرب بها المثل ويقتدي بها عالميا، بمحافظتها على طابعها السلمي  بعد أن طبعتها أجواء هادئة ميزتها حركية تجارية  وأجواء تضامنية أخوية.  
وشهدت شوارع العاصمة، أمس خروج الجزائريين تمجيدا لهذا اليوم التاريخي الذي  كتب بأحرف من ذهب ، واستذكار مسيرات لطالما ميزتها صور التضامن بين الشعب وجيشه، آملين في غد أفضل في ظل والوحدة والإستقرار، ليسجل بذلك التاريخ مسيرة سلمية، تضاف الى مختلف المسيرات التي خرج فيها المواطن الجزائري للتعبير عن موقفه في التغيير الحقيقي من أجل مستقبل أفضل للبلاد والعباد والتي تمكنوا من خلالها تحقيق مطالبهم التي يرغبون في استكمال ما تبقى منها بما يضمن غدا مشرقا لأجيال أخرى.