طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

شراكــة متوازنـــة

سعيد بن عياد
29 فيفري 2020

تمثل الشراكة الجزائرية الأجنبية الخيار الأمثل لتعزيز مسار الخروج من الأزمة المالية، التي لا تزال تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي، بفعل استمرار أزمة أسعار المحروقات التي تزداد تدهورا. حاليا، مع ظهور وباء فيروس كورونا الذي أصاب الاقتصاد العالمي في الصميم نتيجة توقف المبادلات وتعطل حركة النقل الجوي والبحري باتجاه أسواق آسيا وجنوب أوروبا وبالذات إيطاليا، حيث سجلت حالات إصابة تنذر بالخطر. وبالنسبة للخيارات التي تطرح في الظرف الراهن بخصوص الانفتاح وفقا لمعايير النجاعة على متعاملين أجانب توجد بعض المسارات التي يمكن الرهان عليها ومنها الشراكة مع متعاملين من فرنسا يتقدمهم أصحاب مؤسسات من أصل جزائري بالأساس، وآخرون من البلدان العربية التي تبحث عن أسواق استثمارية تتوفر على ضمانات وفرص النجاح. ضمن هذا الإطار نظمت غرفة التجارة والصناعة الجزائرية ـ الفرنسية مؤخرا لقاءا للمتعاملين والمهتمين بالسوق الجزائرية لرصد وتيرة الاهتمام بالاستثمار، من حيث تحديد الفروع التي يمكن الرهان عليها وتوضيح دقيق للرؤية قصد إثارة اهتمام أكبر عدد ممكن من أصحاب المشاريع والقدرات المالية لدخول السوق الجزائرية. غير أنه ينبغي للمتعامل، من أي وجهة كانت، الذي يسعى للدخول إلى السوق الجزائرية أن يحمل معه مشاريع واضحة ودقيقة والأولوية لمن يرافقها بموارد مالية تعطيه الثقة في معادلة الشراكة. وفي الظرف الراهن يتم إعادة ترتيب مختلف جوانب المشهد ضمن الرؤية التي يرسمها مخطط عمل الحكومة ليكون بمثابة لوحة قيادة المرحلة الراهنة نحو أفق أكثر مبادرة، في ظل إعادة انتشار للموارد والبرامج والمشاريع وفقا لمؤشرات النجاعة ومعايير الجاذبية الاستثمارية والمنافسة محليا وإقليميا، بحيث يكون للمؤسسة الجزائرية المركز المطلوب كفاعل إيجابي ومصدر لإنتاج الثروة في مجالات ذات جدوى مثل الصناعة التحويلية والسياحة والخدمات إلى جانب الفلاحة بالمفهوم الصناعي الشامل ضمن رؤية للتصدير. إن الوضعية الحالية مثقلة بتحديات كثيرة تستوجب العمل عليها في العمق بتفكيك جميع عناصرها من أجل إعادة صياغة أولويات الظرف بما يتناسب مع الإمكانيات المالية المتاحة والتي تزداد أهميتها، نظرا لشح المداخيل من النفط خاصة وأن أسواق المحروقات وقعت أيضا تحت تأثير انتشار «فيروس كورونا» الذي أصاب الاقتصاد العالمي برمته، مشكلا تهديدا آخر للنمو في البلدان الصناعية ويمكن تصور انعكاسات الخطر على المصنفة في خانة «الناشئة». لكن في كل الحالات لا ينبغي البقاء رهن مؤشرات الخارج في إطلاق مسار استثماري جديد بقدر ما يجب الشروع في العمل على صياغة نمط للشراكة الوطنية تتركز على قواعد شفافة ومعايير اقتصادية، لا مجال فيها للمغامرة أو استنساخ تجارب فاشلة، وهو ما يتوقع في المدى القريب من خلال إطلاق مسعى مراجعة المنظومة الهيكلية للاقتصاد بكل فروعه خاصة الجانب البنكي، ورسم معالم مشهد جديد يستوعب كل الطاقات الموجودة ويرافق الخيارات المحددة بوضع الإمكانيات والتحفيزات لمشاريع حقيقية إنتاجية وتندرج في المسعى الذي يقود إلى اقتصاد منتج للثروة وموفر للشغل وقادر على خوض معركة التصدير، يكون وراءها متعاملون ميدانيون يتواجدون في الورشات والمصانع أكثر من المكوث في مكاتب مكيفة ينتظرون دعم الدولة مراهنين على ممارسات بيروقراطية سقط قناعها.