طباعة هذه الصفحة

مقاربة وظيفية

بقلم: فنيدس بن بلة
14 مارس 2020

يرافق الإعلام السلطات العمومية في حملات التحسيس لمواجهة فيروس "كورونا" الذي أحدث طوارئ في مختلف العواصم وفرض حالة تعبئة عامة عقب انتشار الوباء المعدي، مخترقا الحدود وحواجز الجغرافيا.
لم يعد حديث الصحافة وبلاطوهات الفضائيات التلفزيونية وشبكات التواصل الاجتماعية، إلا عن فيروس كورونا الذي ظهر لأول مرة في مقاطعة ووهان الصينية وانتشر كالبرق طارحا السؤال المحيّر، ما العمل؟ أي علاج لهذا الداء الذي حيّر العقول وترك المخابر في رحلة بحث عن وصفة طبية تنهي الكابوس؟
في هذا الجو المشحون والمزايدات الكلامية التي تروجها بعض مواقع «السوشيال ميديا» غير عابئة بالمضاعفات والآثار على سلوك الناس والتماسك الاجتماعي، يتحرك الإعلام الوطني ببث رسائل تهدئة وطمأنة، كاشفا عن حقائق الأشياء، مستندا إلى المرجعية العلمية في سرد كل الأخبار عن فيروس «كوفيد-19»، وطرق الوقاية منه.
بهذه المقاربة الوظيفية أظهرت وسائل الإعلام الوطنية، أنها قوة مؤثرة في مشهد الاتصال المفتوح على ورشات تقويم وتجدّد، في تغطية الأحداث المتسارعة المتغيرة وصنع رأي عام وحشد طاقاته وتعبئته للانخراط في نظام اليقظة والوقاية من الخطر، وهذا بأخذ الحيطة اللازمة المعلن عنها منذ بداية انتشار الفيروس دون الاستخفاف بالوضع الذي مسّ أكثر البلدان تطورا وتصنيعا.
وتحرص وسائل الإعلام في حملة التحسيس على معادلة «الصراحة والشفافية»، في إقناع متلقي الرسالة بمقاربة وقائية تشدّد على التحلي باليقظة، تمكِّن من فهم أفضل لكيفية تحويل كل مشكّك ومروّج لـ»فايك نيوز» إلى شريك فاعل في مسعى منع انتشار الوباء والتجاوب مع منظومة الترصد والإنذار للتصدي لأي طارئ.
إن أكبر عمل وقائي يبدأ بسلوك بسيط، هو الالتزام بشروط النظافة والتطهير، باعتبارها منطلقا أساسيا لحماية الذات والآخر من خطر الأوبئة التي تتصدى لها البلاد بحزم وتتجند لها فرق طبية وتنصب كاميرات حرارية على مستوى الموانئ والمطارات والحدود تجنبا لأي تهديد محتمل.
وسبق للجزائر الحريصة على تعليمات الوقاية من الوباء، أن واجهت حالات مستعصية وأوضاعاً صعبة تخص التصدي لفيروسات ذات الانتشار الواسع منها «الكوليرا» و»الأنفلونزا الموسمية»، وأعطت منظومة الترصد والإنذار التي نصبت لهذا الغرض منذ بداية الألفية نتائج مطمئنة، وهي تجربة يلجأ إليها بتفعيل المنظومة أمام كل طارئ.
في كل تجربة، يحتل الإعلام مكانة متميزة في المرافقة والتحسيس بإجراءات الوقاية وتدابير الاحتياط الواجب اتباعها كلما استدعت الضرورة القصوى، فارضا نفسه، مساهما فاعلا في مناقشة قضايا الشأن العام، وشريكا في المعادلة الصحية التي تشكل الوجه الآخر للأمن الوطني الشامل والاستقرار الاجتماعي.