طباعة هذه الصفحة

«كورونا» يوحد الطبقة السياسية :

تعليق المسيرات الشعبية واجب وطني

فريال بوشوية

تحلت الطبقة السياسية عموما والمعارضة على وجه التحديد، بدرجة كبيرة من المسؤولية، إذ دعت أحزابا وشخصيات بلسان إلى وقف الحراك المستمر منذ أزيد من سنة مؤقتا، حفاظا على صحة الجزائريين من الخطر الداهم، ممثلا في فيروس كورونا، الذي يفتك بسكان المعمورة بسرعة مذهلة، نداء يأتي في ظل تعنت واستمرار خروج عدد كبير في أحياء العاصمة الجمعة الأخير، رغم تحذير السلطات من عواقبه الوخيمة.
ضمت المعارضة صوتها إلى صوت السلطات العمومية وكبار المسؤولين في الدولة، وعلى رأسهم الوزير الأول عبد العزيز جراد، الذي لم يمنع الحراك، وإنما اكتفى بدعوتهم إلى اتخاذ كل الاحتياط تفاديا لانتشار الفيروس الفتاك، الذي ركعت أمامه كبريات الدول، بعد عجزها عن احتوائه في مرحلة أولى، وعن علاج العدد المتزايد من المصابين به، وارتفاع عدد ضحاياه يشكل رهيب، محذرة من انتشاره في الجزائر.
تحرك المعارضة جاء عشية الحراك المبرمج الثلاثاء في مسيرة الطلبة، جاء بعدما لاحظت على الأرجح عدم اكتراث أو عدم وعي المشاركين فيه بحجم خطورته، أو عدم التصديق بها، في ظل انتشار إشاعات مغرضة مفادها استخدامه من قبل السلطة لوقف الحراك، فكانت مشاركة كبيرة وعلى درجة كبيرة من الخطورة على حياة الجزائريين، في الجمعة رقم «56» في وقت كانت كبريات دول العالم تحذر من انتشاره وتعد ضحاياه بالمئات وليس بالعشرات على الضفة الأخرى من المتوسط.
وكان الوزير الأسبق للاتصال عبد العزيز رحابي، سباقا إلى الدعوة إلى توقيف مؤقت للحراك الشعبي، من خلال منشور نشره عبر صفحته في موقع «فايسبوك»، عنونه «مع توقيف مؤقت للحراك»، معتبرا انتشار جائحة «كوفيد 19» الفتاك، هشاشة النظام الصحي، وكذا ضعف النظام الوقائي، يجعل من تعليق المسيرات الشعبية بمثابة «واجب وطني وقومي».
وأفاد رحابي في السياق، بأن هذا الإجراء، في إشارة إلى تعليق المسيرات، يهدف أساسا إلى «حفظ  بلادنا وشعبنا من عواقب وخيمة على الوضع العام في الجزائر»، لافتا إلى أنه «لا يؤثر بأي حال من الأحوال على الحق في حرية التظاهر».
من جهتها، قيادة حزب جبهة القوى الاشتراكية انضمت إلى الأحزاب الداعية إلى تعليق الحراك حفاظا على صحة وسلامة الجزائريين، وفي بيان لها أصدرته بالمناسبة دقت ناقوس الخطر، جاء فيه «الظرف خطير جدا، لأن الأمر يتعلق بجائحة فتاكة يوشك العالم باسره على أن الركوع لها ، مست عشرات الملايين من الأشخاص من مختلف الأعمار والجنسيات»، وقد «أودت بحياة المئات».
وبعدما أشارت إلى أن الوضع مقلق في الجزائر في ظل تسجيل 60 حالة بينها 4 وفيات، انتقدت عدم انجاز مشاريع في قطاع الصحة خلال الأعوام الماضية، كانت ستساعد الجزائر على ضمان تكفل أنجع»، لافتة إلى أن مواجهته تتوقف على التحضر والوعي الشعبي، إضافة إلى الإجراءات الوقائية وحدها قد تجنب الجزائر مأساة حقيقية.
تحرك الطبقة السياسية عموما، يمليه الواجب الوطني الذي يجعل الجزائريين اليوم على اختلاف مشاربهم، يتكلمون بلسان واحد، حفاظا على الجزائر وشعبها من خطر فتاك، وقد يصنع الشعب بانضباطه وتجاوز المحنة، صورة أخرى عن تحضره ووعيه لا تقل أهمية عن تلك التي صنعها في العام 2019 عندما خرج إلى الشارع مطالبا بالتغيير الجذري واسترجاع كلمته.