طباعة هذه الصفحة

الجزائر ـ بكين... تضامن صنعته المواقف وصقلته المحن

أمين بلعمري
28 مارس 2020

هاهي محنة «كورونا» تجيئ لتؤكد، مرة أخرى، حجم التضامن بين الشعبين الجزائري والصيني؛ شعبان تربطهما صداقة عقود متواصلة، اتسمت كلها بأسمى معاني التضامن والدعم المادي والمعنوي؛ علاقة كانت قاعدتها مؤتمر «باندونغ» العام 1955 بأول لقاء بين وفد جبهة التحرير الوطني بمسؤولي الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، لتترسّخ وتتوطد أكثر مع مرور الأيام والسنوات بتأسيس الحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية والتي كانت جمهورية الصين الشعبية من أول الدول التي اعترفت بها، لترسي بعدها زيارة تشون لاي، أول رئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية منذ تأسيسها، إلى الجزائر العام 1963، ترسي عرى علاقات سياسية وطيدة بين دولتين مستقلتين، قائمة على تطابق الرؤى وتناسق المواقف حول مختلف القضايا الدولية، كان من بين محطاتها ما قدمته الجزائر من دعم وما بذلته من مجهودات حثيثة في أروقة الأمم المتحدة لتستعيد جمهورية الصين الشعبية مقعدها الدائم بمجلس الأمن الأممي وهو ما تم بالفعل العام 1971. لتتواصل العلاقة بين البلدين والشعبين في التوطّد والتمتين إلى أن توّجت بتوقيع البلدين على اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة العام 2014 والتي كان من بين مخرجاتها الأساسية التوقيع على مخطط يمتد لخمس سنوات للتعاون الإستراتيجي الشامل، أو ما عرف بـ «المخطط الخماسي» 2014-2019 والذي كان من بين نتائجه المباشرة انتقال الصين إلى الشريك الاقتصادي الأول للجزائر العام 2019.
بداية من هذا العام، وعندما ضرب الأصدقاءَ الصينيين وباءُ كورونا الخبيث، وفي الوقت الذي كان فيه البعض يلعب على وتر التصنيفات في محاولة لجعل الصين بلدا يُشار إليه بالبنان وتصنيفه بأنه بلد موبوء أو بؤرة للفيروس القاتل؟، سارعت الجزائر ولم تنتظر حتى تصنيف منظمة الصحة العالمية لكورونا «كوفيد-19» بالجائحة العالمية، وبادرت بإرسال مساعدات طبية إلى الصين الشعبية وأعلنت تضامنها الكامل مع الشعب الصيني الصديق وحكومته، وكانت تلك المساعدات الجزائرية، على تواضعها، تحمل الكثير من المعاني والدلالات التي تفوق الاعتبارات المادية، إلى ما تحمله في طياتها من رمزيات التضامن والدعم لبلد صديق يمر بمحنة عابرة، تعامل معها بكل شجاعة وسرعان ما تجاوزها، ليصبح اليوم أنموذجا في مكافحة هذا الوباء المرعب الذي أدخل الناس إلى البيوت وأخلى شوارع ومدن العالم من المارة في سابقة كونية؟!