طباعة هذه الصفحة

البروفيسور عبد المالك بوزيد لـ «الشعب»:

إلتزام المواطن بتدابير الوقاية لمنع انتشار فيروس كورونا

حاورته: فتيحة كلواز

قدم رئيس مصلحة جراحة القلب بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في جراحة القلب والأوعية الدموية «محمد عبد الرحماني» ببئر مرادرايس، البروفيسور عبد المالك بوزيد، تشريحا لما تعيشه الجزائر من وضع صحي استثنائي بسبب انتشار فيروس كورونا، معتبرا وعي المواطن مفتاح تجاوز الأزمة، مؤكدا على دور الإعلام لمجابهة الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي تتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باستهدافها الرأي العام لخلق حالة من الهلع والهيستيريا، ما يعرقل الجهود المبذولة لاحتواء الوباء.
التفاصيل في هذا الحوار الذي أجرته معه «الشعب».

 -  الشعب: ما هو تشريحكم للوضع الصحي الاستثنائي في الجزائر؟
 عبد المالك بوزيد: يمكن القول، إن الجزائر إلى حد الآن استطاعت التحكم في الوضع، بالنظر إلى عدد الإصابات والوفيات التي كان أغلبها حالات جاءت من الخارج لم تمر على النظام الصحي عندنا، وغالبا ما تثبت إصابتها بفيروس كورونا بعد وفاتها، ما يعني أنها حالة غير مستوطنة. لكن على المواطن أن يعي دوره في الوقاية واليقظة، فلا يوجد أي نظام صحي يستطيع احتواء الوباء بعيدا عن شراكة فعّالة للمواطن، لأن خروجه عن السيطرة يعني الكارثة.
-  كيف ذلك؟
 تقيّدُ المواطنين بالإجراءات الوقائية والاحترازية يقي الجزائر تكرار سيناريو ما يحدث في إيطاليا، فرنسا ودول أوروبية كثيرة. علينا أن نعي الدرس الذي قدمته ألمانيا واليابان للعالم، فرغم إصابة 53 ألف ألماني بفيروس كورونا، إلا أن نسبة الوفيات قليلة جدا تقدر بـ0.5٪ وهي تقريبا نفس نسبة وفيات الأنفلونزا الموسمية. والسبب درجة الوعي الكبيرة عند الألمان. نفس الشيء بالنسبة لليابان.
يجب أن يفهم المواطن أنه المفتاح لتجاوز الأزمة الصحية الاستثنائية، باتباع ما ينصح به المختصون. وعليه أن يكون مسئولا، فإذا علم أنه كان على اتصال بشخص مصاب بكورونا أو ظهرت عليه أعراض عليه، أن يتجه الى المستشفى لإجراء التشخيص، إن لم يفعل يكون سببا في زيادة انتشار العدوى.
-  في كثير من الأحيان يجد الأشخاص المسنون صعوبة في التأقلم مع الحجر المنزلي؟
 على المسن أن يعي خطورة عدم تقيّده بالحجر المنزلي، خاصة إذا علمنا أن الشخص المسن يغلب عليه التفكير في الموت ويسلم أن حياته انتهت، لذلك عليه التخلي عن هذا التفكير السلبي، لأن الخطر لا يعنيه هو فقط، بل كل المحيطين به. كما عليه أن يدرك أن بقاءه في المنزل يعني حماية العائلة وكل المجتمع الذي يعيش داخله.
الوضع إن خرج عن السيطرة، لا سمح الله، سيكون الأفراد المعرضون لخطر الإصابة كالمسنين ومن أصحاب الأمراض المزمنة الأكثر تضررا بسبب العجز عن التكفل بهم، ليس بسبب قلة الإمكانات الطبية والصحية، بل لأن أعداد الحالات ستصبح كبيرة ولن يصمد ءمامها أي نظام صحي مهما كان تطوره. وما نشاهده اليوم في بعض الدول المعروفة بنظامها الصحي المتطور خير دليل على ذلك.
وأخيرا، على الشخص المسن أن يعي أن الشرع يمنعه من أي سلوك يعرّض نفسه للتهلكة، كما جاء في قوله الله تعالى في الآية 195 من سورة البقرة «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ».
- ماذا تقول للعائلات التي لا تتقبل دفن ميّتها المصاب بكورونا بعيدا عنها؟
 على تلك العائلات أن تعي خطورة الوضع الاستثنائي الذي نعيشه، عليها أن تدرك أن حضورها لن يصنع الفارق، الدعاء له بالرحمة يكفى. نحن أمام وضع خاص جدا، يتطلب الكثير من التفهم والوعي. فعندما نرى المساجد مغلقة والحرم المكي خالياً من الطائفين، سنعرف أننا أمام حالة فريدة من نوعها في تاريخ البشرية. يجب أن يضعوا نصب أعينهم أننا الآن نفكر في طريقة تجنيب الأحياء خطر الإصابة. حقيقة الآجال عند الله تعالى، لكن يجب على الإنسان تفادي أن يكون سببا في نقل العدوى للآخرين.
- كيف تفسر تلك المعلومات التي تتداولها مواقع التواصل الأجتماعي، التي غالبا ما تتضارب مع ما تقدمه الجهات الرسمية من أرقام ومعلومات دقيقة لتفادي «فايك نيوز»؟
 على المواطن أن يعي ان تلك الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي ينشرها أصحابها على مواقع التواصل الاجتماعي، سيكون لها أثر وخيم، إن وجدت من يصدقها. وستكون سببا في خلق حالة من الهلع والهيستيريا لدى المواطنين، ما سيصعّب المهمة على كل المعنيين بمجابهة فيروس كورونا، سواء كانوا جهات رسمية أو مواطنين.
ففي حالة الخوف يتجه سلوك الفرد إلى الفوضى وعدم التقيد بإجراءات الوقاية، ما يؤثر على سير عمل الأطباء وكل الأطراف المعنية. وهنا يمكن القول، إن أهم دور في هذه المرحلة يلعبه الإعلام لسد الطريق أمام أية مغالطة تحاول هز شعور المواطن الذي يعيش حالة نفسية حساسة، ما يجعل التلاعب بها أمرا مرفوضا تماما.
- إذا. للإعلام دور محوري في مجابهة المعلومات المغلوطة عن الوباء؟
 نعم، وأراه أكثر أهميه، بل يأتي قبل النظام الصحي في هذه المرحلة. لأن الاشاعة إن لم تجد من يوقفها، ستؤثر على الرأي العام، والأمن الوطني وليس الصحي وحده. لذلك على الإعلام أن يلعب دور الوسيط بين طرفي معادلة مجابهة كورونا: بين قطاع الصحة والمواطنين، بإعطائه تطورات الوضع وكذا انتشار الوباء بأرقام صحيحة ودقيقة بعيدة عن التضخيم والتهويل، يكون مصدرها وزارة الصحة، الجهة الوصية المخولة لذلك.
أصبحنا نسمع أخبارا تتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا أساس لها من الصحة، ما يدخل المواطن في حالة من الهلع والترقب. لذلك يتحمل الإعلام جزءا كبيرا من المسئولية في مثل هذه الأوقات العصيبة، لأنه الوسيلة الأكثر نجاعة في خلق تواصل إيجابي مع المواطنين والمجتمع، على اختلاف شرائحه، من خلال مدهم بالمعلومات الدقيقة والصحيحة لمنع انتشار الاشاعات والاخبار الكاذبة «فايك نيوز» التي من شأنها ان تؤثر على الجهود الوطنية والتعبئة العامة لمحافحة فيروس كورونا.