طباعة هذه الصفحة

المعاقون يشعرون بالوباء ويتطلعون للطمأنينة

سمية قـادري صورة للتمسـك بالحيـــاة والــتزام الوقايــة

سعيد بن عياد

توجد فئات عمرية هشة تتعامل بالتزام ويقظة مع تدابير الوقاية من فيروس كورونا، على غرار كبار السن والأطفال، ومنهم بالذات ذوي الاحتياجات الخاصة.
الزميل حسين قادري، الذي يعد واحدا من الزملاء في مواجهة خوف كورونا بالتواجد المستمر بالعمل، أب لطفلة، ترافقه مخيلته طيلة غيابه عنها للعمل، خاصة وأنها تعودت على تواجده بجنبها. كباقي الأسوياء، تسأل عن الوباء وعن ظروف سكان البليدة، مصير المصابين وتتطلع لجهود الدولة والهبة التضامنية الواسعة للتغلب على الفيروس الذي ينغص حياة البشر.
سمية من مواليد 19 جويلية 1990 (30 سنة) من ذوي الاحتياجات الخاصة مقعدة على كرسي متحرك، مثلها مثل بقية البشر، تشعر بما يدور حولها، تحمل أحاسيس ولديها درجة ذكاء عالية قد تفتقد حتى لدى أسوياء. لها موقف وقرار وتناقش أمور الحياة منها تداعيات كورونا.
حسين، والدها، لا يدخر جهدا لإسعادها ومرافقتها في تجاوز ظروف إعاقتها وتداعيات الفيروس التاجي الذي يستهدف الأشخاص الأقل مناعة، فتجدها تلتزم بالحجر المنزلي بمجرد أن شرح لها أبوها الموقف وخطورته، إذ اقتنعت بسرعة وبادرت طواعية بتطبيق قواعد الحيطة بصرامة، متضرعة، في كل لحظة، للمولى عز وجل أن يرفع الوباء والبلاء عن شعبنا وبلادنا وكل البشرية، وتعود الطمأنينة للناس لتستأنف الحياة.
 يقول والدها، بعد أن أفهم سمية الأمر، «أصبحت أشد حرصا على عدم طلب الخروج وهي التي ألفت معي قضاء أوقات للترويح عن النفس، فتراها تواجه الظرف بالابتسامة والنكت، غير أنها تتألم لعدم القدرة على الخروج».
هي مثال للصبر والرضاء بمشيئة الله وقدرته، تساهم قدرها في الجهود الوقائية الجماعية، معلقة أملا كبيرا في الشفاء يوما، لتلبس حينها حذاء مثل باقي البنات، فرجلاها تحتاجان إلى تصحيح بعملية جراحية. أكثر من هذا تحمل نفس مشاعر جنسها من رغبة في العمل ولمَ لا بناء أسرة؟ حاملة كل تلك المشاعر في صبر جميل. سمية، تحمل لسنوات إعاقتها التي تحتاج إلى مساعدة المحسنين للعلاج، ما هي عزيزة على ذوي البر والإحسان، خاصة في مثل هذه الظروف التي تجسدت فيها أسمى معاني التضامن والتآزر، ما ينزل، بلا شك، رحمة من الله على الجزائر وشعبها الأبي.
إنسانة طيبة، لا تفارقها الابتسامة، تمثل قرة عين حسين، الذي لا يتعب في أن يتحقق حلمه ليرى سمية تتعافى، فمن حقها العيش الكريم ولها على المجتمع حق، ويؤكد والدها أن حاستها السادسة ثبتت في عدة مناسبات، ما يؤكد أن ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل ابنته، يستحقون الالتفاتة. ولعل بعد اندثار وباء كوفيد-19، الذي تقاسم الجميع جزعه ولبس الكل خوفه، سوف تتاح لمثل سمية الفرصة للعلاج الجدير بأن يعيد لها قدميها، لتساهم أيضا في بناء المجتمع ورعايته، فالجزائر تحتاج إلى جميع أبنائها ومن بينهم سمية وأمثالها التي تحتاج من كل الزملاء إلى تحية تقدير ومحبة.