طباعة هذه الصفحة

نقطة إلى السطر

طريق العودة ..كمامة

فتيحة كلواز

أصبحت العودة الى الحياة العادية مرهونة بالكمامة التي تحولت الى شرط أساسي للإبقاء على حظوظ تجاوز الازمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر على غرار دول العالم، فرغم استهانة البعض في ارتدائها الا انها تبقى انسب طريقة للعودة التدريجية للحياة العادية خاصة وان الدراسات اثبتت الاثار النفسية و الاجتماعية للحجر الصحي والتباعد الاجتماعي على حياة المواطنين الذين وجدوا انفسهم في حجر منزلي باعتباره  اجراء ضروري للإبقاء على حياتهم وحياة عائلاتهم والمجتمع بأكمله.
أكدت الدراسات انه بسبب إصابة البعض بالاكتئاب والإحباط حيث اصبح يعيش البعض تحت هاجس الموت والخوف من العدوى الى درجة ان أحدهم غسل خبزا بماء جافيل ثم جففه في الفرن ليأكله، فيما وجد البعض في الهروب من الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي بالاستهزاء والاستهتار بالإجراءات الوقائية والاحترازية انسب طريقة لتجاوز شعوره الداخلي بالهلع والخوف، وهي ردة فعل عكسية لكل تلك المعاناة النفسية التي يعيشها الكثيرون في مختلف المجتمعات.
الاكثر من ذلك، ربط علماء الاجتماع ،ارتفاع ظاهرة العنف الأسري في الآونة الأخيرة خاصة العنف ضد المرأة بالبقاء المتواصل في المنزل، لان تخلي الشخص عن تفاصيل حياته وروتينها اليومي جعله يبحث عن أي شيء ليفرغ فيه طاقة سلبية تعتريه في ظل الحجر ولن يكون هناك من هو أحسن من المرأة في كثير من المجتمعات سواء غربية او عربية او مسلمة لتفريغ تلك الشحنة السلبية، لذلك كان من المنطقي ارتفاع حالات الطلاق أيضا كنتيجة حتمية لتنامي هذه الظاهرة.
تداعيات الحجر المنزلي على العائلة، يستوجب التفكير في طريقة لتخفيفه، لكن مع المحافظة على إجراءات الوقاية، ولن يكون السبيل لتحقيق ذلك سوى تلك الكمامة التي تراهن عليها الكثير من الدول لاسترجاع الحياة العادية خاصة وأن جائحة كورونا لم تتوقف عند العواقب الوخيمة على الأنظمة الصحية فقط بل تعدت اثارها الى ازمة اقتصادية عالمية لن تتجاوز الدول تداعياتها في القريب العاجل، ما يجعل من الضغوط النفسية والاقتصادية سببا مباشرا فيما تعرفه العائلات من عنف واضطراب في العلاقات الاسرية.
لكن قد يتردد البعض في قبول فكرة العودة بشرط ارتداء الكمامة لأن المعروف عنا، اننا غير منضبطين في إجراءات الوقاية، لذلك تفضل هذه الفئة الإبقاء على الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي، ربما هي على صواب وربما لا ، المهم والأكيد ، ان الكمامة مع فرض عقوبات على من لا يلتزم بارتدائها في تنقلاته سيكون كافيا لتصبح عادة صحية في المجتمع، وطبعا لن يتأتى ذلك الا بفرض عقوبات على المضاربين الباحثين عن الربح السريع، لانهم سيتغلون الفرصة كما تعودنا دائما لاحتكار سوق الكمامات برفع سعرها  ومساومة المواطنين على صحتهم،  و لنا في ازمة السميد خير دليل، فرغم مجهودات الدولة في توفير هذه المادة الأساسية في الأسابيع الأولى من الحجر الصحي الا انها اصطدمت بعقلية تعودت استغلال الظروف لصالحها ولولا تجنيدها للمراقبين و قوات الامن و الدرك الوطنيين لما استطاعت سد الباب امام هؤلاء التجار الجشعين.