طباعة هذه الصفحة

القضية الصحراوية

متى تقرير المصير؟

حمزة محصول

أحيا الشعب الصحراوي، الأسبوع الماضي، الذكرى الـ47 لاندلاع الكفاح المسلح ضد الاحتلال المغربي، وهي محطة مثل سابقاتها للتقييم والتمعن في المكاسب المحققة على الصعيدين الداخلي والخارجي، والنظر في أسباب تعثر مسار التسوية السلمية الذي انطلق منذ قرابة ثلاثة عقود.
قرابة العقدين من الزمن (1973-1991)، ويد جيش التحرير الصحراوي على الزناد، في محاربة الاحتلال الاسباني وبعده المغربي. وكل المعارك التي خاضها حقق انتصارات مدوية فقتل وأسر وتقدم على كثير من الجبهات والخطوط، إلى غاية اضطرار المغرب للتفاوض والقبول باتفاق وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء تقرير المصير.
ولازالت هذه اليد على الزناد، تحسبا لأي طارئ، فمنذ إنشاء بعثة المينورسو، بنص القرار رقم 690، وما يتضمنه من مهمة محددة بدقة وهي «تنظيم استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء الغربية»، تعطل المسار التحريري.
وفي المستويات الثلاثة، لا يملك أن الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، أدنى مسؤولية.
أولا: للمينورسو، التي انحسرت مهمتها التي كلفت الأمم المتحدة منذ 3 عقود ملايير الدولار، في مراقبة وقف إطلاق النار، قبل أن تتعثر هذه الأخيرة أيضا، لأن المغرب يخرق منذ 2016، الاتفاق العسكري رقم 01، بمنطقة الكركرات من خلال استغلال معبر، يفترض أنه يقع في منطقة عازلة، في الأعمال التجارية وتسويق منتجات منهوبة من الأراضي الصحراوية المحتلة.
وحسب مسؤولي الجمهورية الصحراوية، فإن الاحتلال المغربي يستغل المعبر لتسويق المخدرات إلى شباب المنطقة ككل، وحذروا في أكثر من مناسبة من المخاطر الناجمة عن ذلك في تهديد الأمن والاستقرار.
أما المستوى الثاني للفشل، فهو على مستوى منظمة الأمم المتحدة، وبالضبط على مستوى أمانتها العامة وجهازها التنفيذي ممثلا في مجلس الأمن، لأنها فشلت لحد الآن في تنفيذ كل القرارات الصادرة عنها على الأرض رغم أنها تعبر الشرعية الدولية وتقر بالمبادئ التأسيسية لها وعلى رأسها حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وظلت الأمم المتحدة، تشاهد مناورات المغرب والتفافه على قراراتها، سنة بعد سنة، دون الاستجابة لاستغاثة الصحراويين وآلاف النداءات الصادرة عن الجمعيات والمنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية بشأن حقيقة الوضع المأساوي والكارثي في الأراضي المحتلة.
مجلس الأمن الخاضع لسلطة حق النقض الفيتو، لم يتمكن خلال قرابة 30 سنة من مساعدة الشعب الصحراوي في استعادة حقه في تقرير المصير والتحرر، وفشل في إدراج بند يتيح للمينورسو مراقبة حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة بسبب الاعتراض الفرنسي.
لقد أكد هذا البند الذي عجزت الأمم المتحدة عن ضمه لمهام المينورسو، حجم تضامن القوى الاستعمارية مع بعضها  البعض، فلا يوجد أي فرق بين الاستعمار الذي جثم على عموم إفريقيا قبل ستينات القرن الماضين واستعمار سنة 2020 في الصحراء الغربية، فكلاهما يأتي على كل شيء من السطو على الثروات وصولا إلى مصادرة الحقوق الأساسية للإنسان.
ثالثا:  المغرب، فمنذ توقيعه اتفاق وقف إطلاق النار، لم يستطع أن يسحب عن جسده ثوب المحتل، والصحراء الغربية لا زالت إقليما لا يتمتع بالاستقلال مثلما هو مسجل لدى الأمم المتحدة وبالضبط على مستوى اللجنة الرابعة المكلفة بالملف.
ورغم ترسانة المال وحجم الدعم الفرنسي والدعاية وشراء الذمم، لم يستطع المغرب تحريك جدار العار عن مكانه ولو بشبر، كما  لم ولن يتخلص من عار الاضطهاد والسجن التعسفي والقمع والتنكيل والإخفاء القسري والألغام الأرضية، مهما فعل.
وباءت كل خططه الكبرى لتحقيق اختراقات بالفشل الذريع، فانضمامه للاتحاد الإفريقي قبل 3 سنوات، بغرض ضرب الموقف المبدئي للهيئة القارية تجاه القضية الصحراوية، انتهى بالهزيمة تلو الأخرى، فلا هو نجح في منع مشاركة الجمهورية الصحراوية في اجتماعات الشراكة، ولا استطاع تمرير عريضة سحب العضوية منها، والعكس من ذلك، نشر في جريدته الرسمية، بروتوكول الانضمام للاتحاد الإفريقي المتضمن الاعتراف بالدول الإفريقية وبحدودها الجغرافية والقانون التأسيسي الموقع عليه من قبل «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية».
ولاشك أن لعبة النفس الطويل والإكراه بالمدنين والشتات بين العائلات الصحراوية، ستفشل هي الأخرى، لأن جبهة البوليساريو»لا يمكن أن تقبل بأي حل لا يضمن حق الشعب الصحراوي، غير القابل للتقادم ولا للتصرف، في تقرير المصير والاستقلال»، مثلما قال الرئيس إبراهيم غالي.