طباعة هذه الصفحة

الظّرف الصّعب يتطلّب تحديث أنظمة البنوك

التّعجيل بإصلاحات عميقة لجذب العملة الصّعبة

فضيلة بودريش

تتطلّب الإصلاحات التي تشهدها المنظومة الاقتصادية، التعجيل بإصلاحات عميقة في المنظومة البنكية، في ظل ترقب الحسم في خيار النموذج الاقتصادي المناسب للجزائر أمام الظرف الصعب الذي يتزامن مع تفشي فيروس «كوفيد 19»، وكذا الأزمة الاقتصادية التي سجّلت بفعل انهيار أسعار النفط وتراجع احتياطي الصرف من العملة الصعبة، إذا حان الوقت لتتحرّر الخدمات البنكية من قيود البيروقراطية، من خلال تحديث وعصرنة أنظمتها بشكل يشجّع على استقطاب الأموال المتداولة خارج الأطر الرسمية.
تعد المنظومة المصرفية عصب الاقتصاد، وقوة تدفقها نحو إنشاء المؤسسات سيفضي إلى نمو وتوسع نسيج الاستثمارات، وبالتالي تنويع روافد الاقتصاد وتحرره من التبعية العضوية للنفط، وفي ظل دعوات الخبراء المتكررة لإعادة النظر في قانون النقد والصرف، لعصرنة أدائها بما يواكب المستجدات الداخلية والخارجية، تحتاج البنوك على غرار المنظومة الجبائية والجمركية إلى الرقمنة، وفتح فروع لها خارج الوطن، من أجل تفعيل انخراط المنتجين والمستثمرين المحليين في مسار التصدير من دون مواجهة أي تحديات تثبط إرادتهم وتفاديا  للعراقيل.
ويمكن تبسيط معاملات الزبائن التي مازالت جد صعبة عبر العديد من البنوك، على سبيل المثال من يحوّل له الأموال من الخارج بالعملة الصعبة، تشترط البنوك المحلية حسب ما ينص عليه القانون، تلقي المبلغ بالعملة الوطنية أو نصفه بالدينار والنصف الآخر بالعملة الأجنبية، في ظل وجود سوق موازية ترفع سقف قيمة العملة الصعبة إلى مستوى عال، ويشعر الزبون أنّه قد خسر في هذه المعاملة، فتجعله ينفر من أن تحول له الأموال عبر البنوك الوطنية، ويحرص أن يتسلمها يدا بيد، أو يتجه إلى دول مجاورة على غرار تونس ويفتح حسابا بنكيا، ليتلقى أي مبالغ مالية من أقاربه أو أصدقائه في المهجر. لذا البنوك الوطنية مطالبة بأن تحدّد أهدافا تجارية لتعاملاتها، وتطور من خدماتها التي ينبغي أن تتوافق مع تحديات وتطورات المرحلة الراهنة.  
في وقت تتقاطع دعوات العديد من الخبراء حول مقترحات تصفها بالمهمة والمتمثلة في إطلاق ترخيص للبنوك الخاصة برأس مال جزائري لاستقطاب الاستثمارات،  في ظل الحاجة القائمة لتدفق العملة الصعبة عبر المنظومة البنكية، وتتطلب الوضعية إصلاحات عميقة وجدية لجذب الأموال الأجنبية وخاصة العملة الصعبة وسط الجالية الجزائرية في المهجر. والضرورة تقتضي التعجيل بعصرنة الأنظمة البنكية لتشجيع المتعاملين، الذين ينشطون في هذا القطاع باحتواء أموال السوق الموازية، لأنها تبقى النقطة السوداء التي تؤثر كثيرا على الخدمات البنكية في الشق المتعلق بالعملة الصعبة، وكذا في استقطاب ادخار الأسر. ويعوّل كثيرا على إطلاق خدمات المالية الإسلامية في استقطاب الأموال التي يتم تداولها خارج الأطر الرّسمية.