طباعة هذه الصفحة

ألفه الباحثان ولد النبية يوسف وبوزوادة حبيب

إصدار جديد لمختبر اللسانيات العربية بجامعة معسكر

معسكر : أم الخير.س

أصدر مختبر اللسانيات العربية وتحليل النصوص، التابع لكلية الآداب واللغات بجامعة معسكر، كتاباً مخصصاً لطلاب الدراسات العليا، وللباحثين في مجال تعليم اللغة العربية، الإصدار الأدبي والعلمي الجديد، هو ثمرة تعاون بين الباحثين حبيب بوزوادة ويوسف ولد النبية، جاء معنوناً بـ(تعليمية اللغة العربية في ضوء اللسانيات التطبيقية- قضايا وأبحاث»، في 228 صفحة من الحجم المتوسط، عن مكتبة الرشاد بسيدي بلعباس.

اللافت في هذا الكتاب هو استقصاء المؤلّفَين لمناهج التعليم وطرائقه المختلفة، قديمها وحديثها، بتحليل موضوعي، يستفيد من اللسانيات التطبيقية ويتّخذها متّكأً معرفياً، يقدّم الحلول اللازمة لتعليم اللغة العربية وترقيتها في البيئة الجزائرية، وهو ما يجعله مفيداً للباحثين المتخصصين في الجامعة، ولأساتذة اللغة العربية في أطوار التعليم المختلفة.
وقد جاءت مادة هذا الكتاب في ثلاثة فصول؛ الفصل الأول منها لتعليم اللغة العربية في ظل الطرائق التراثية، حيث عرّف المؤلفان بطرائق تدريس المواد اللغوية في التراث العربي، المتمثّلة أساساً في المتون والمختصرات التي تتضمن قواعد اللغة في علومها المختلفة؛ نحواً وصرفاً وبلاغة وعروضاً.. وما يرتبط بها من شروحٍ وحواشٍ وتقريرات وتعليقات، بحسب ما جرى عليه العمل لدى اللغويين القدماء، وما هو متّبع حالياً في الزوايا ومؤسسات التعليم ذات الطابع التقليدي.
وقد بيّن المؤلفان مزايا هذه الطريقة وعيوبها، متمثّلين تجربة عبد الرحمن الأخضري البسكريّ المتوفى سنة (953هـ) في كتابة المنظومات العلمية، خصوصاً من خلال منظومته في البلاغة المسمّاة (الجوهر المكنون في صدف الثلاثة فنون)، كما تحدّثا في هذا الفصل عن مقترحات الشيخ البشير الإبراهيمي في النهوض بتعليم اللغة العربية، وهي محاولة مهمّة من عالمٍ جليل خبير في علوم اللغة، ملمٍّ بدقائقها، حيث اعتبر الأسلوب المتّبع في المدارس والكليات قليل جدوى، ضعيف الأثر، فدعا إلى تفعيل مهارة الحفظ وتعزيزها، باعتبارها السبيل الأمثل لمحاربة ضعف الأداء اللغوي، والوصول إلى المتكلّم الجيّد باللغة العربية.
أمّا الفصل الثاني، فيتحدّث عن تعليم اللغة العربية في الوسط المدرسي والجامعي في المنظومة التعليمية الجزائرية، من خلال ثلاث قضايا حسّاسة، أولها الاتصال غير اللفظي بوصفه ركيزة أساسية في عملية التخاطب بين المعلم والتلميذ، وهو ما يقضي على إحدى المسلمات الخاطئة التي تكرّس الخطاب اللفظي بوصفه عماد العملية التواصلية، وتسلّط الضوء على السياقات التداولية من إيماءات وإشارات جسمية وحركية وبصرية التي تسهم في بناء الفعل التواصلي بين المعلّم والتلميذ. وثانيهما دلالات الصورة في الكتاب المدرسي بالنسبة لتلاميذ السنة الأولى ابتدائي، حيث استعرض الباحث حبيب بوزوادة دلالات الصورة، ووظائفها المختلفة، بيداغوجياً، ومعرفياً، وأخلاقيا، على اعتبار أنّ الصورة هي نصّ بصريّ، يمكنه أن يسهم بشكل كبير في تقديم المعرفة لتلاميذ الابتدائي بعيداً عن تعقيدات اللغة. وثالثهما دراسة ميدانية قام بها حبيب بوزوادة على طلاب اللغة والأدب العربي بجامعة معسكر، لتشخيص واقع الدّرس اللغوي بالجامعة، حيث سرد الأسباب الحقيقية لضعف مردود الطلاب في تلقي المواد اللغوية، وهي أسباب ترجع إلى ضعف الأستاذ تارة، وإلى ضعف الدّافعية لدى الطلاب أحيانا، أو إلى تعقيدات المنهاج الجامعي أحيانا أخرى، بالإضافة إلى أسباب أخرى يمكن التعرف عليها بمطالعة الكتاب.
أمّا الفصل الثالث فيعالج بعض قضايا تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، من الذين يتطلعون إلى تعلّم اللغة العربية، فجاء المبحث الأول من هذا الفصل متحدّثاً عن أهم الصعوبات التي تعترض سبيل هذه الفئة من المتعلمين، مع طرح البدائل العلمية لتيسير العربية وقواعدها على غير الناطقين بها، وفي الفصل الثاني حديث عن مرتكزات تعليمية اللغة العربية لغير الناطقين بها في ضوء اللّسانيات النفسية، وخاتمة الفصل دراسة نقدية في ضوء اللسانيات التعليمية لمشروع تعليم اللغة العربية لغير العرب الذي اقترحه الباحث التركي محمد حقي صوتشين.
ويعدّ هذا الكتاب هو الإصدار الثاني للمختبر، بعد كتاب (اللغة العربية وبرامج الذكاء الاصطناعي) في جزأين، الذي صدر في مارس 2020 بالتعاون مع المجلس الأعلى للغة العربية، ويعلن رئيس مختبر اللسانيات العربية وتحليل النصوص، البروفيسور حبيب بوزوادة عن إصدارات أخرى في مجال الدراسات اللغوية والأدبية منها كتاب (أبو راس الناصري المعسكريّ، حياته وأثاره ومنهجه) الذي يرتقب صدوره سنة 2021، بمساهمة ثلة من الباحثين من الجامعات الجزائرية المختلفة.