طباعة هذه الصفحة

طبعات عربية لروايات محلية متوّجة

الناشر الجزائري خاسر أكبر في الجوائز

أسامة إفراح

تتعالى مظاهر الفرح والابتهاج، وتتوالى التبريكات والتعليقات المُفاخِرة، وتتقاطر التهاني الرسمية، والمناسبة: فوز كاتب أو روائي جزائري بجائزة ما، وهو ما نعتبره فخرا للأدب الجزائري، ونحسبه دفعا قويا لقاطرة النشر والكتاب والإبداع بالجزائر.. لكن على صعيد آخر، ما ينفكّ المتوّج يستقبل الدعوات من داخل الوطن وخارجه، للمشاركة في تظاهرات ثقافية عربية، بما يرتبط بها من إشهار، وتسويق، و»بريستيج»..الطبعات العربية للروايات المتوّجة تتعدّد، وتوزيع هذه الروايات في السوق العربية يبلغ أوجه، ناهيك عن الترجمة إلى لغات العالم الأخرى.

وسط هذا الزخم، يحقّ لنا أن نتساءل: أين الناشر الجزائري من كلّ هذا؟ ما الذي يستفيده الناشر الوطني «الجادّ» من تتويج الكتّاب الجزائريين في مختلف التظاهرات والمسابقات العربية؟ ما تنقله لنا القصص والأفلام ذات النهايات السعيدة، هو أن الجائزة المرموقة تغدق بخيرها على الكاتب، والناشر، والطابع، والموزع، والمكتبي، وبائع الرصيف، بل وحتى على ذاك المبدع المبتدئ في حيّ شعبي أو «دوّار» أو «دشرة» نائية، الحالم بأن يبلغ هذه المرتبة مثلما بلغها ابن بلده..ولكن ما يحدث في الواقع المعيش، هو أن الناشر الجزائري، الذي لا يستفيد ماديا من الجائزة المحصّلة، يبقى ينظر إلى نسخ الرواية المتوّجة مكدّسة في مستودعه، وهو عاجز عن بيعها وتوزيعها، على قلّتها، في وقت يستفيد الناشر العربي من الصيت الذي تكتسبه نفس الرواية بتتويجها.
ما يحدث هو من الكتّاب المتوّجين من لا يشير حتّى إلى ناشره الوطني، إن لم يكنْ على سبيل العرفان، فعلى سبيل الاحترافية.
ما يحدث هو أن هذا الناشر «الجادّ» يبقى يواجه الزمن، والكساد، والضرائب، والعراقيل، والآفات ما ظهر منها وما بطن، دون أن يحرّك أحد ساكنا لإنقاذه أو الشدّ على يديه.
ما يحدث هو أن القارئ الجزائري يبقى محروما من الاطلاع على العمل المتوّج، في غياب سياسة محكمة واضحة لاقتناء الكتب وتوزيعها على مختلف مكتبات المطالعة العمومية، في خطوة لا ترمي إلى مساعدة الناشر ماديا فحسب، بل إلى تمكين القارئ عموما، والطالب الجامعي خصوصا، من حقه في الوصول إلى كاتبه، وتمكين الكاتب من حقه في الوصول إلى قارئه.
ما يحدث هو تزايد عدد الكتّاب الجزائريين







الذين باتوا يتباهون بالنشر لدى ناشر عربي ما، في وقت يلجأ كثير منهم إلى الدفع المسبق بالعملة الصعبة مقابل ذلك، وهو التصرّف الذي نراه منقصة حينما يمارسه القريب، فلماذا لا نجد حرجا في قبوله من البعيد؟
ليس سرّا القول إن هذا العام بالذات جاء كارثيا ووبالا على سوق النشر الوطني، ولكن هذه الأزمة لم تقم إلا بكشف الوضع المتأزّم أصلا، الذي عانى ويعاني الكتاب منه، فلا نزِد الطينة بلّة، ولنحفظْ للناشر الجزائري (على نقائصه وعيوبه) هيبته، أو على الأقل ما تبقّى منها، ببساطة لأنه منّا، ولأنّنا منه، ولأنّ الأقربين أولى بالمعروف، فما بالك لما يكون هذا المعروف حقّا وشرطا من شروط نهوض الأمّة..أمّا ما عدا ذلك، فلن يعدو عن كونه مجرّد زيادة الماء للبحر.