طباعة هذه الصفحة

كساد عالمي مرتقب

ماذا فعل كوفيد-19 بالولايات المتحدة؟

موديرن دبلوماسي

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية منذ مارس الماضي، تاريخ إعلان الرئيس دونالد ترامب، حالة الطوارئ الوطنية لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد؛ معدلات بطالة أكبر بكثير مما سجل في دول غربية أخرى اتبعت سياسة واشنطن نفسها تقريبا في التعاطي مع الوباء.
وقال موقع مودرن دبلوماسي في تقرير مطول للمؤرخ والباحث الأميركي إيريك زويس إن الولايات المتحدة سجلت ارتفاع معدلات البطالة خلال فترة الوباء من 4.4% في مارس/آذار الماضي إلى 14.7% في أبريل/نيسان، ثم 10.2% في يوليو/تموز.
في المقابل، شهد كل من الدانمارك والسويد، البلدين الإسكندنافيين اللذين شهدا تقريبا مسار الولايات المتحدة نفسه في تطور الوباء والتعاطي معه؛ نسب ارتفاع للبطالة أقل بكثير مما شهدته أميركا.
فقد سجلت الدانمارك ارتفاعا لهذه النسبة من 4.1% في مارس الماضي إلى 5.2 في جويلية، في حين ارتفعت في السويد من 7.1% إلى 8.9% في الفترة ذاتها، أي بنسبة بلغت 27% مقابل نسبة ارتفاع بلغت 202% في الولايات المتحدة.
وعزا الموقع هذا الفارق الكبير في النسب إلى أن أميركا -عكس الدانمارك والسويد وبلدان غربية أخرى- لديها إحدى شبكات الأمان الاجتماعي الأضعف في الغرب، وفي حين يدرك المواطن الدانماركي أو السويدي أن حكومته ستكون بجانبه إن أصيب بالفيروس؛ يعلم الأميركي جيدا أنه سيواجه مصيره وحده، وأن عليه أن “يسبح أو يموت غرقا”، وهذه هي “الطريقة الأميركية”.
ويضيف الكاتب أنه على عكس مواطني الدول الغربية الأخرى، فإن الأميركيين بحاجة ماسة إلى دخل، لأن كثيرا منهم فقراء، وعدد كبير منهم لديهم تأمين صحي سيئ أو لا يملكون أي تأمين على الإطلاق، لأن الرعاية الصحية في أميركا امتياز متاح فقط للأشخاص الذين لديهم القدرة على دفع ثمنه، بدل أن يكون حقا يتم توفيره للجميع.

استمرار المعاناة

إن افتقار الولايات المتحدة إلى “اشتراكية ديمقراطية”، أي شبكة أمان اجتماعي كتلك الموجودة مثلا في الدانمارك والسويد، تسبب في موجة واسعة من تسريح العمال، خاصة العاملين في الشركات الصغيرة، مما يعني تدمير المزيد من العائلات التي تقع في الدرك الأسفل من النظام الاقتصادي الأميركي، وأغلبهم من السود واللاتينيين.
ونتيجة لذلك، فإن الأغلبية الساحقة من الفقراء في الولايات المتحدة سيعانون بشكل أكبر من الإصابات والوفيات جراء الفيروس، ومن شبح التسريح والتشرد والإفلاس، الذي سيرتفع قريبا ليشمل الشركات الصغرى ثم الكبرى.
سيمهد هذا الأمر الطريق لخطة إنقاذ ضخمة ترعاها البنوك مثل التي أطلقت عام 2009، يليها ارتفاع قياسي في معدلات التضخم شبيه بما حصل في “جمهورية فايمر” الألمانية بين عامي 1918 و1933.
وسيؤدي استمرار المعاناة المتزايدة في الطبقات الدنيا من المجتمع الأميركي في النهاية إلى انهيار القمة، وأسواق المال الأميركية التي تبدو محصنة ضد تبعات جائحة كورونا مقبلة على أكبر انهيار اقتصادي في التاريخ، سيدشن المرحلة التالية من دورة الاقتصاد الرأسمالي.
وإذا حدث هذا الأمر فستصبح أميركا أكثر ديكتاتورية مما هي عليه الآن، وستكون “أميركا ما بعد انهيار 2021” أقرب من ألمانيا أدولف هتلر منها من أميركا فرانكلين روزفلت.
وستكون الانتخابات الرئاسية المقبلة بين الرئيس الحالي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن بلا قيمة تقريبا لوقف النزيف، لأن مشاكل أميركا أعمق من مجرد رهان بين “عميلين تستأجرهم الأرستقراطية الأميركية للتظاهر بالمواجهة” في صناديق الاقتراع، وفق تقدير الكاتب.