طباعة هذه الصفحة

في إصدار جديد «الأرض السائبة بدون سلطان»

شاهد على احتلال مغربي يبحث عن سيادة مزيّفة بالصحراء الغربية

يستعرض الشيخ محمد المامي، حفيد العلامة الصحراوي الشيخ محمد المامي بن البخاري في كتابه «الصحراء الغربية الساقية الحمراء ووادي الذھب (الأرض السائبة «بدون سلطان»)، شهادات محليين ومستكشفين غربيين تثبت انه لا علاقة سيادية للمغرب على الصحراء الغربية.
أكد الشيخ محمد المامي على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير الذي يأبى الطمس والنسيان ويدحض الكتاب بشهاداته التاريخية والثرية كل ادعاءات المغرب ومسوغاته التاريخية بأن الصحراء الغربية جزء من المملكة المغربية، حيث يظهر بجلاء بأن سكان ھذه المنطقة مستقلون بشؤونھم وقراراتهم عن أية دولة مركزية أخرى في المنطقة قبل مجيء الاستعمار الإسباني.
ويتضمن الكتاب شهادات حية لـ 21 مستكشفا غربيا على ان المغرب، منذ إقدامه سنة 1975على احتلال الصحراء الغربية سعى دوما لإضفاء الشرعية والطابع القانوني على هذا الاحتلال، وقدم تبريرات لا تثبت أمام الحقائق التاريخية ولا تصمد أمام القانون الدولي، فالمملكة المغربية أصلا لم تكن واضحة الحدود، والسلطان ليس له سلطة وحكم إلا في حيز جغرافي محدود يسمى «بلاد المخزن».
ويبرز الكتاب، أنه تاريخيا لم يكن لسلاطين المغرب سلطة أو إدارة على مساحات كبيرة للمملكة المغربية في حدودها المضبوطة، كما هو شأن هذا البلد اليوم، والحديث ينسحب من باب أولى أو بالأحرى على الصحراء الغربية وموريتانيا وأجزاء من السنغال ومالي، أو ما يسمى في أدبيات السياسة التوسعية بـ « المغرب الكبير» لحزب الاستقلال والتي تبناها القصر.
ولا شك ان الشيخ محمد المامي استلهم الشهادات التي تضمنها كتابه من جده العلامة الصحراوي الشيخ محمد المامي بن البخاري (1787 - 1866) والذي تسمى باسمه، حيث يقول بعبارة واضحة صريحة :» نحن قوم بداة من البادية على فترة من الأحكام ما بين العمالة الإسماعيلية (المغرب تحت حكم السلطان إسماعيل) والمملكة البوصابية وهي إمارة أسسها الزنوج وسادت في منطقة سان لوي في السنغال حاليا.
ويواصل الشيخ محمد المامي على نفس منوال جده في تبيان حقيقة هذه الأرض عبر نظرة تاريخية تبين استقلالها عن غيرها، وتميزها عن أية دولة، ويفك أي ارتباط مع سواها، ويتضح من شھادات علماء المنطقة مثل محمد بن الطلبة اليعقوبي، ومولود ولد أحمد الجواد اليعقوبي، ومحمد عبد الله بن البخاري بن الفلاني في كتابه: «العمران» وبعض أزجاله الحسانية أنه « لا توجد أي علاقة تبعية لمنطقة الصحراء الغربية ولا الفضاء المتصل بھا إلى نھر السنغال – الذي أصبح يعرف اليوم بالجمھورية الإسلامية الموريتانية - لا بالمملكة المغربية شمالا ولا بالمملكة البوصابية جنوبا».
وقد عكف الشيخ محمد المامي بن البخاري في خضم دراساته واجتهاداته الفقھية على استنباط الأحكام الفقھية الخاصة بــ» البلاد السائبة» غير الخاضعة لأي سلطان، وھي مسألة شغلت باله وأخذت حيزا كبيرا في سجالاته ومطارحاته العلمية، لا سيما منھا تلك التي جمعته مع العلامة محمد بن محمد سالم المجلسي حول زكاة مال الأتباع.
شهادات أجانب: الصحراء الغربية لم تكن تحت سلطان المملكة المغربية
أجمعت الشهادات التي تضمنها الكتاب لأوربيين وأمريكيين زاروا البلاد، من بينهم العسكري والجاسوس والعالم والتاجر والمغامر والرحالة المستكشف، أن الصحراء الغربية الحالية وما تلاھا من البلاد لم تكن تحت سلطان المملكة المغربية وقبلها، حرر أبو المقداد وهو سنغالي من سان لوي، أمضى العديد من سنوات عمره في المنطقة لتعلم اللّغة العربية وأحكام الشريعة، تقريرا حول رحلته التي قادته سنة 1861 إلى مناطق شنقيط والساقية الحمراء ووادي الذھب وجنوب المغرب، وكيف تم التأشير له في مركز حدودي بمدينة أغادير، لدخول التراب المغربي آنذاك، كما ذكر على وجه الدقة مراحل سفره والقبائل التي التقاها في الطريق.
من جهته، ذكر فيليكس ماتايوس، قنصل الولايات المتحدة الأمريكية في طنجة من 1869 إلى 1887 ثم من 1890 إلى 1893 في تقريره سنة 1880، والذي نشرته إحدى المجلات في مدينة نيويورك، أن سلطة السلطان المغربي آنذاك لم تكن تتجاوز جنوب مدينة أغادير، وبخلاف ذلك كانت القبائل المتنافسة في أقاليم واد النون وتازروالت خاصة تصارع للإفلات من أطماع السلطان المغربي.
ويضيف أن القبائل المقيمة جنوبا بين وادي درعه بالصحراء الغربية وتيريس بموريتانيا حاليا كانت مستقلة تماما، وھذه الشھادة مطابقة لما توصل إليه الرحالة الألماني وأستاذ الفلسفة أوسكار لينز في كتابه المخصص للرحلة التي قادته سنتي 1879 و1880 من طنجة شمالا إلى سان لوي في السنغال جنوبا أين أورد بأن السلطان المغربي لا تتعدى سلطته مدينة تارودانت والتي تعتري سكانھا رغبة في الاستقلال بشؤونھم.
وأكد لينز، بأن أغادير كانت تشكل الحدود الجنوبية للإمبراطورية المغربية، أما الأقاليم الواقعة جنوبا فسلطته ھناك محدودة للغاية أما الجغرافي الفرنسي، إيليزي ريكلوس فقد كتب في موسوعته الجغرافية المسماة «الجغرافيا العالمية الجديدة» الصادرة سنة 1886 بأن وادي سوس كان يمثل حدود المغرب الجنوبية وأن كل واحات المغرب الجنوبية كانت مستقلة ولا تعترف بسلطة المخزن المركزية، كما قدم ريكلوس خريطة شبه مفصلة للصحراء الغربية وما تتمتع به من خصوصية.
من جانبه، نشر الضابط الفرنسي آلفريد الذي كان مسؤولا عن الشؤون المحلية بالجزائر من 1876 إلى 1886، والذي قام بالعديد من الرحلات في المغرب وإفريقيا الغربية بين 1886 و1890 جردا مفصلا للقبائل في جنوب المغرب في منطقتي سوس ووادي نون. وذكر لوشاتيليي، بأن إمارة وادي النون التي دخلت بالقوة تحت حكم السلطان المغربي منذ 1886، لم تكن تتحكم إلا في السكان الحضر ولم يكن لھا أي سلطان على الرحل في تلك المنطقة ولا في المناطق الواقعة إلى الجنوب في درعة والساقية الحمراء والتي كانت مستقلة تماما وتظل ھذه الشھادات وغيرھا دليلا على حق الشعب الصحراوي غير القابل للتنازل أو المساومة في تقرير مصيره، وتحديد مستقبله، رغم محاولات الطمس والتلاعب بالحقائق التاريخية بتواطؤ من جھات نافذة على المستوى داعمة للمغرب في مغامرته الاستعمارية التوسعية في الأراضي الصحراوية.
جدير بالذكر أن الصحراء الغربية (الساقية الحمراء ووادي الذھب) مدرجة منذ سنة 1966 ضمن قائمة البلدان غير المستقلة، وبالتالي فھي معنية بتطبيق اللائحة الأممية رقم 1514 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعد الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا.