طباعة هذه الصفحة

ينظمه مخبر حوار الحضارات بجامعة مستغانم

استكتـاب جماعـي حول «خطـاب الكراهيـة»

أسامة إفراح

ينظم مخبر «حوار الحضارات، التنوع الثقافي وفلسفة السلم»، بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة عبد الحميد بن باديس، بمستغانم، استكتابا حول موضوع «خطاب الكراهية».
يأتي هذا العمل البحثي الجماعي في محاولة لرسم خارطة طريق مستقبل الإنسان، بشكل يتجاوز «الراهن المأساوي القائم على الكراهية والإقصاء والتهميش»، إلى عالم جديد «أساسه المحبّة الأخوية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية».
أعلن مخبر «حوار الحضارات، التنوع الثقافي وفلسفة السلم»، التابع لكلية العلوم الاجتماعية بجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم، عن إطلاق استكتاب جماعي حول «خطاب الكراهية». وحدّد 31 ديسمبر المقبل آخر أجل لتلقي الأوراق النهائية، بحسب الشكل المطلوب، فيما سيتمّ إشعار ذوي الأوراق المقترحة بقرار اللجنة العلمية من 15 إلى 20 مارس 2021.
وانطلقت هذه المبادرة، بحسب منظميها، من وضعية نحياها اليوم على وقع خطابات تستعجلنا إلى ضرورة إثارة هذا الموضوع للنقاش. «وحتى وإن بدا للبعض أن المطالبة بمواجهة خطاب الكراهية هو من باب الرفاهية، إلا أن الوقائع تبيّن عكس ذلك»، وإن كان منظمو الاستكتاب يرون بوجوب العمل على موضوع خطاب الكراهية من باب المعالجة وليس المحاربة، لأن هذه الأخيرة «ستمنعنا من التواصل مع الجهة الأخرى، أما المعالجة فتتيح فرصا عدة لإرساء قواعد للحوار والنقاش».
بالمقابل، فإن تبني الهيئة الأممية للائحة التي تقدمت بها الجزائر، الداعية إلى إعلان يوم عالمي للعيش معا في سلام، واتفق على أن يصادف 16 ماي من كل سنة، بموافقة 193 دولة عضو بالمنظمة الأممية، يعكس رغبة حقيقية للمجتمع الدولي في إرساء قواعد أخرى تهدف إلى أخلقة العلاقات الدولية مما ينعكس بالضرورة على علاقات الأفراد.
ولكن ما نشهده اليوم قد لا يكون جديدا على البشرية، حيث عاشت جلّ شعوب العالم، ولعقود من الزمن، بل ولقرون خلت، على مبدإ الصراع والمنافسة، من أجل البقاء تارة، ومن أجل السيطرة وبسط النفوذ تارة أخرى. ولقد استخدمت كل الوسائل واستبيحت المحرمات في هذا الصراع والتنافس. وشُحن الناس بالبغضاء والعداوة والكراهية، إما باسم الانتماء الجغرافي أو الانتماء العرقي أو الانتماء اللغوي أو الانتماء الديني. وعلى مدار الأزمنة، وبفضل عامل التراكم، تولد مفهوم «خطاب الكراهية»، الذي أكثر ما كرسته الإمبرياليات الاستعمارية، حين اعتبرت الشعوب غير الأوروبية شعوبا همجية متخلفة وجب العمل على تحضّرها.
كما تعبّر خطابات الكراهية عن «مشاعر حادّة ومتطرفة للغاية، تنشأ جراء تكوين الصورة الخاطئة عن الآخر، والخوف من المنافسة وتصور الآخر كضد أو عدو أو شيطان… وكل هذا راجع إلى الثقافة العامة الخاطئة وتراجع أو سوء التربية والتعليم». ومع عامل الزمن، تحول هذا المنهج من الممارسة السياسية إلى سلوك يطبع حياة البشر وبدأت تجليات الثنائيات المتضادة، «البدو» و»الحضر»، «الشمال» و»الجنوب»، «الأبيض» و»الأسود» و»الأحمر» و»الأصفر»، الشرق والغرب، المسلم والمسيحي واليهودي، المتدين ومن لا دين له، الأرستقراطي والبروليتاري… فتكرس مع هذا كله وبكل تجلياته صراع «الأنا» و»الآخر».
ولمعالجة هذا الموضوع تم تحديد ستة محاور، أولها «خطاب الكراهية في المنظور الفلسفي»، وثانيها «خطاب الكراهية في تحديد معالم الخريطة الجيوسياسية»، أما ثالثها فيتطرق إلى خطاب الكراهية والقوانين الجزائية (وطنيا ودوليا)، فيما يتصدّى المحور الرابع لخطاب الكراهية من حيث علاقته بالأمراض النفسية والعصبية. وفي محور خامس، يعرّج المشروع البحثي على أدبيات خطاب الكراهية، وتختتم المحاور بالمحور السادس «الأنا والآخر: أية أفاق في ظل خطاب الكراهية؟».
وتحاول هذه المحاور مجتمعة التأسيس «لآفاق واعدة في لمّ شمل العائلة الإنسانية»... كما أنها، والمشروع البحثي ككلّ، محاولة لرسم خارطة طريق مستقبل الإنسان «الخليفة على الأرض»، وهي خارطة تتجاوز الراهن المأساوي القائم على الكراهية والإقصاء والتهميش، إلى عالم جديد أساسه المحبّة الأخوية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
ويتطلع المنظمون إلى أن يتمخض عن هذا البحث مخرجات «تكون في مستوى تطلعات الإرادات الخيّرة المنتشرة في أنحاء العالم والتي تعمل دون كلل أو ملل من أجل إرساء «سلام دائم» ملموس وحقيقي وإن كان يلامس في بعض حيثياته «السلام الدائم» الكانطي».