طباعة هذه الصفحة

وزارة الاتصال باشرت مراجعة شاملة لقوانين القطاع

المنظومة الإعلامية «تتكيّف» مع الدستور الجديد

حمزة محصول

تحضّر وزارة الاتصال، لمراجعة شاملة للأطر القانونية الناظمة لقطاع الصحافة والأنشطة الاتصالية المرتبطة بها، بما يواكب التحولات الهائلة التي فرضتها الثورة الرقمية ويمنح ضمانات أقوى لحرية الممارسة الإعلامية، وفق ما جاءت به التعديلات الدستورية الجديدة.
باشرت وزارة الاتصال، ما يمكن اعتباره مرحلة ثانية في مسار الإصلاح الشامل لقطاع الإعلام في الجزائر. فبعد تنظيم ورشات مع مختلف الفاعلين حول الإعلام الإلكتروني، التمثيل النقابي، الإشهار والإعلام الجواري، بُدئ العمل بترجمة أهم الخلاصات في قوانين جديدة.
أعلن وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، السبت، عن الشروع في «تنفيذ برنامج عمل يرتكز أساسا على إعادة النظر في الأطر القانونية المنظمة للقطاع، لاسيما القانون العضوي للإعلام وقانون السمعي- البصري وكذا تعميم رقمنة القطاع».
هذه المرحلة تأتي على ضوء تعديل الدستور، الذي يحمل إضافات نوعية في مجال «حماية حرية الصحافة»، بحسب ما أكده بلحيمر في عديد المناسبات سبقت الاستفتاء الشعبي في الفاتح نوفمبر.
وقال الوزير: «إنه تعين الأخذ بعين الاعتبار أن الإصلاحات التي سطرتها وزارة الاتصال أصبحت حاليا مرتبطة بصدور التعديل الدستوري الجديد وما يترتب عليه كقوانين عضوية وعادية».
لذلك، يرتقب أن تعرف الجزائر في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، ثالث قانون عضوي للإعلام، بعد قانون أفريل 1990، الذي أرسى قواعد التعددية الإعلامية بناء على ما جاء في دستور 1989، وقانون جانفي 2012، الذي نص على رفع العقوبات السالبة للحرية عن الصحفيين وإنشاء ثلاث سلطات لضبط الصحافة المكتوبة، السمعي البصري وأخلاقيات المهنة.
وباستثناء إنشاء سلطة ضبط السمعي البصري، ظلت معظم مواد القانون العضوي الحالي جامدة، بحيث لم تصدر المراسيم التنفيذية للإعلام الإلكتروني إلا مؤخرا، ولم تنشأ سلطة الصحافة المكتوبة وقد يتم التخلي عنها في النص التشريعي المقبل، ليحل محلها مجلس الصحافة، سيتولى مهمة إصدار بطاقة الصحفي المحترف ومنح الاعتماد لإنشاء النشريات ويضطلع بالتحكيم في الأخلاقيات.
ومن الواضح أن الخطة الإصلاحية المنتهجة من قبل وزارة الاتصال، تسعى إلى تقليص الهوة الشاسعة بين التطورات الهائلة التي عرفها قطاع الإعلام وبين الأطر القانونية المتوفرة. هذا الفارق نجم عن اختلالات عميقة والنتيجة قنوات خاصة بمحتوى جزائري، لكنها أجنبية بحكم القانون. ومواقع إلكترونية تنشط خارج القانون وفراغات عديدة في معايير توزيع الإشهار.
في السياق، قال أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر-3، لزهر ماروك: «إن التشريعات الإعلامية في الجزائر متأخرة جدا عما يجري في المشهد الإعلامي الوطني والعالمي»، وأكد لـ «الشعب»، ضرورة الإسراع في وضع قوانين متطورة تراعي متطلبات حرية الممارسة الإعلامية وتفتح المجال أمام الإبداع المهني للصحفيين، «حتى لا يظل الرأي العام الوطني رهينة محتويات أجنبية أو ما يبث عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي».
مساعي وزارة الاتصال، كللت، قبل أسابيع، بتحديد 15 معيارا للاستفادة من الإشهار العمومي، ستدخل حيز التنفيذ شهر جانفي المقبل، بحسب ما أكد الوزير عمار بلحيمر، فيما نجحت في وضع مرسوم تنفيذي هو الأول من نوعه للإعلام الالكتروني.
المقاربة الإصلاحية للوصاية تنطلق من مبدإ «ممارسة الحرية الإعلامية بمسؤولية». والمسؤولية هناك تكون أمام القانون وليس الأشخاص، وهو ما يراد ترجمته عند مراجعة القانون العضوي للإعلام وقانون السمعي البصري، بناء على ما جاء في نص المادة 54 من الدستور الجديد.
ووضعت هذه المادة العناصر الكاملة لحرية الصحافة، بدءاً من «تعبير وإبداع الصحفيين ومتعاوني الصحافة»، وصولا إلى «حماية استقلالية الصحفي والسر المهني»، إلى جانب اعتماد نظام «التصريح» بإنشاء الصحف والنشريات، بدلا من «الترخيص»، مع التأكيد على أنه لا يمكن وقف كل دعائم الصحافة إلا «بقرار قضائي».
وينتظر أن يضع قانون السمعي البصري المقبل، الشروط الدقيقة لإنشاء القنوات التلفزيونية والإذاعية، وتوطين القنوات النشطة حاليا بصفة مكاتب قنوات أجنبية، بصفة نهائية لتكون خاضعة للقانون الجزائري.
وكان وزير الاتصال قد أعلن، عن الإعداد لمشروع مرسوم تنفيذي ينظم نشاط وكالات الاتصال وكذا مشروع قرار يتضمن الإعلان عن الترشح لفتح خدمات سمعية بصرية خاضعة للقانون الجزائري وتبث عبر الساتل الجزائري «ألكوم سات 1».