طباعة هذه الصفحة

ينتظرون استئناف الرحلات

أوضاع نفسية واجتماعية مُعقّدة لجزائريين عالقين بالخارج

حمزة محصول

بلمداح: أصداء عن تحرّك وشيك للحكومة

تزايدت مطالب الجزائريين العالقين بالخارج أو الراغبين بالسفر لضرورات قصوى، بتنظيم عمليات إجلاء استثنائية، مؤكدين أن استمرار الغلق يتسبب في مآسي اجتماعية. فيما كشف النائب عن الجالية بالمهجر، نور الدين بلمداح لـ «الشعب»، أن أصداء «إيجابية» وصلته من الحكومة لحل هذه المعضلة في القريب العاجل (التصريح نقله صحفي الشعب، ساعات قبل قرارات الحكومة بالأمس).
 منذ توقف عمليات إجلاء الجزائريين من مختلف دول العالم في سبتمبر الماضي، ارتفعت بشكل لافت النداءات المطالبة بالتفاتة السلطات العمومية للسماح لهم بالعودة إلى أرض الوطن، لدواعٍ صحية أو اجتماعية، أمر ينطبق أيضا على المغتربين الذين يودون زيارة عائلاتهم.
وبعد أن سجلت هبات تضامنية وإنسانية مع مواطنين في وضع صحي حرج للغاية، بعد توجيههم نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، تزايد بشكل لافت عدد الجزائريين الراغبين في دخول أرض الوطن، لأسباب متعددة، مطالبين بتنظيم رحلات جوية خاصة، ومتعهدين بالخضوع لتدابير الحجر الصحي.
وأجلت الجزائر منذ 19 مارس إلى غاية 03 سبتمبر الماضيين 30863 مواطن، عبر 115 رحلة جوية و04 رحلات بحرية، إلى جانب عمليات إجلاء عبر الحدود البحرية والبرية للمواطنين الذين كانوا متواجدين بموريتانيا وتونس وليبيا، بحسب وزارة الخارجية.
وتمت عمليات الإجلاء عبر 4 مراحل، طرحت فيها الحكومة أرضية رقمية لتسجيل كل الراغبين في الدخول إلى وطنهم، كما نظمت عمليات أخرى متفرقة، على غرار الرحلة البحرية الجزائر- مرسيليا في 02 نوفمبر الماضي والرحلة الجوية الدوحة- الجزائر، الخميس الماضي.
وأبقت الحكومة على نظام «الترخيص بالدخول أو الخروج»، والذي يجب التصديق عليه من قبل وزارة الداخلية، بعد تقديم الراغبين لطلبات تتضمن مبررات موضوعية عبر القنصليات بالخارج أو التوجه مباشرة إلى الداخلية. واقتصرت في البداية على الحالات الصحية المستعصية، لكن مع مرور الوقت برزت حالات أخرى داخل وخارج الوطن، تقدم مبررات مهنية واجتماعية للحصول على تراخيص السفر.
في السياق، أكد النائب عن الجالية الوطنية بالخارج نورالدين بلمداح، أنه يتلقى يوميا عشرات الاتصالات من المواطنين الجزائريين المتواجدين بمختلف البلدان يستفسرون عن موعد استئناف عمليات الإجلاء وكيفية الحصول على الترخيص من وزارة الداخلية.
وأوضح بلمداح لـ «الشعب»، أن الجزائر قامت في الفترة الماضية بعمليات ترحيل معتبرة ووفرت ظروفا لوجستية ضخمة «لا ينكرها إلا جاحد»، ولكن «ينبغي التأكيد على أن هناك جزائريين مازالوا ينتظرون حقهم في دخول بلادهم».
حالات مختلفة
الراغبون في دخول وطنهم الأم، باتوا متذمرين من وضعية «لا تطاق» بسبب «معاناة نفسية»، وتبعات «اجتماعية قاسية»، جراء انقطاع السبل بينهم وبين ذويهم ومؤسسات العمل أو الدراسة. لذلك يطالبون بالإسراع في تنظيم رحلات «ولو رحلة واحدة في الأسبوع» على متن الخطوط الجوية الجزائرية، وألا يظلوا رهينة الشركات الأجنبية الأخرى.
ومن خلال النداءات والبيانات الصادرة هناك، تبرز حالات في وضعية جد معقدة، على غرار الأم التي تركت ابنها الرضيع ذي 18 شهرا، وسافرت في رحلة علاجية لمدة أسبوع، لينتهي بها المطاف 9 أشهر بعيدة عن فلذة كبدها.
وكذلك آخرون يشاهدون يوميا عبر التواصل المرئي، الأب أو الأم أو الأقارب على فراش الموت، ولا يستطيعون مساعدتهم أو الظفر بلحظة الوادع الأخير أو حتى الوقوف أمام قبرهم. يضاف إليهم متقاعدون، يسافرون بشكل دوري إلى فرنسا لتسوية (لمدة لا تزيد عن 3 أشهر) وجدوا أنفسهم في عزلة لا يستطيعون حتى تحضير وجبة طعام خفيفة، وبالأخص كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وبحسب النائب عن الجالية نورالدين بلمداح، ينقسم العالقون بالخارج إلى صنفين: «الحاصلون على بطاقة الإقامة ومزدوجو الجنسية وأيضا أصحاب التأشيرة (الذين سافروا بنظام التأشيرة وتعذرت عليهم العودة)».
وقال: «إن كل هؤلاء ضيّعوا الكثير على ضوء استمرار حالة الإغلاق، فإلى جانب مآسي فقدان الأهل، يوجد من ضيع الدخول المدرسي وعدم اجتياز امتحان البكالوريا، ومن كاد يفقد منصب عمله وانقطع دخله الشهري».
تحرك وشيك
وبعد أن وجه رسالة إلى الوزير الأول عبد العزيز جراد، منذ خمسة أيام، استعرض فيها الوضعية المعقدة التي يعانيها الجزائريون العالقون بالخارج، كشف بلمداح عن «أصداء جد إيجابية وصلته من قصر الحكومة».
وأعلن عن صدور تعليمة موقعة من قبل الوزير الأول، وصلت المديرية العامة للوظيفة العمومية، «تأمر بعدم فصل المتأخرين عن الالتحاق بمناصب عملهم من المتواجدين بالخارج».
وأفاد بلمداح، بأنه وبحسب ما وصله من معلومات، فإن الحكومة تعكف على إيجاد حلول سريعة لإنهاء هذه الوضعية «الاستثنائية»، لأن «الجزائر هي الدولة الوحيدة التي أغلقت أبواب الدخول أمام أبنائها»، يقول المتحدث.
وتابع: «نحن لا ننادي بفتح الحدود، الدول القوية مثل ألمانيا وبالرغم من إمكاناتها الضخمة، حدودها مغلقة ولكن ليس على أبنائها»، مضيفا: «بأنه من حق كل من يملك جواز سفر جزائريا الدخول إلى وطنه، عبر رحالات خاصة على متن الخطوط الجوية الجزائرية وليس غيرها».
وشدد بلمداح، أن الضرورة القصوى هي التي تقف وراء كل هؤلاء الذين يريدون دخول الجزائر، مشيرا إلى حالة الطلبة الجزائريين الذين سددوا مبالغ باهظة للجامعات الأجنبية ولا يستطيعون اللحاق بمقاعد الدراسة بسبب حالة الإغلاق.
 وحذر النائب عن الجالية الوطنية، من أن استمرار الوضع الحالي من شأنه تعميق الهوة بين «مواطنينا بالمهجر والسلطات العمومية»، مؤكدا أن «الخطوات الكبرى التي قطعها رئيس الجمهورية للاهتمام بالجالية لا ينبغي أن تحطمها مثل هذه التدابير الحكومية».