طباعة هذه الصفحة

أكدوا على الحفاظ على الدّعم ورفع قيمة التحويلات

كيف يرى خبراء الاقتصاد قانون المالية لسنة 2021؟

هيام لعيون

حافظ قانون المالية لسنة 2021 على القدرة الشرائية للمواطن ، بالرغم من الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد على خلفية الأزمة المزدوجة النفطية ــ بسبب استمرار استقرار أسعار البترول في حدود 45 دولارا للبرميل ــ ومواصلة تهديدات جائحة كورونا لاقتصاد البلاد.
راعت الحكومة قدر المستطاع الدعم الموجّه للفئات الهشّة، إذ جاء هذا القانون خاليا من أي زيادات في الرسوم على السلع أو الخدمات. فلم يضف أي عبء على القدرة الشرائية ولا على الجبهة الاجتماعية. غير أنّ الرهان اليوم على عاملين، أولا تعافي العالم من الفيروس، وانطلاقة جديدة للمؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة بعدما أعفاها قانون المالية من أعباء إضافية.
وأقرّ قانون المالية لسنة 2021، قانون الضرائب السابق وفق التقليد السّاري به العمل. فم تسجل أيّ زيادة في سعر المحروقات، ولا في الضرائب المباشرة وغير المباشرة، إلا ما كان فائض قيمة على العقار أو ضرائب رسوم البضائع والمواد المستوردة أو التوطين البنكي. وكلّها لا صلة لها بالتحويلات الاجتماعية.
وقد راعت السلطات العليا الظرف الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن وباء كورونا فاكتفى المشروع المصادق عليه، ببحث التدابير المالية المقترحة أمام وضع تراجعت فيه الضرائب على المؤسسات ولم يبق من موارد سوى الضريبة على الدخل وعلى المستوردات والتحصيل الجمركي.
مما سيدفع التجار إلى رفع أسعار بعض المواد بسبب نقص الاستيراد وضعف الإنتاج وانخفاض قيمة الدينار، وهو ما يعني أن الإمكانيات المالية لن تحول دون تأثير على القدرة الشرائية للمواطن، إذا لم ترتفع أسعار المحروقات، وتعرف وتيرة التنمية تسارعا خلال الثلاثي الأول من سنة 2021.
كما أن عدم الزيادة في الضرائب والرسوم لا يعني ضمان أن المواطن بمنآى عن اضطرابات السوق أمام نقص الإنتاج وضعف الاستيراد واحتمالات حصول ندرة في بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع.
 
السيناتور سبوتة : لم يفرض ضرائب جديدة

في السياق يرى عضو مجلس الأمة فؤاد سبوتة أن «قانون المالية للسنة المقبلة حافظ على القدرة الشرائية للمواطن من خلال عدم إقرار ضرائب مباشرة ، واستمرار الحكومة في الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، بمعنى المحافظة على التخصيصات المالية نفسها في قانون المالية للسنة المقبلة، من دعم الطبقات الهشة والمتوسطة، رغم صعوبة الظرف المالي».
وتتعلق هذه النفقات ــ حسب السيناتور ــ أساسا بالإسهامات الاجتماعية التي تهدف للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، من خلال تخصيص اعتماد إضافية للتكفل بنفقات جهاز الإدماج المهني، وبالنفقات الضريبية الناتجة عن الإعفاء من الضريبة، وعن الدخل الإجمالي المطبق على الرواتب التي تقل عن 30 ألف دج، و كذلك بمواصلة جهود الدولة في مكافحة الأزمة الصّحية إثر جائحة كورونا.
وأوضح عضو البرلمان في اتصال مع «الشعب»، أن «الإشكال اليوم يكمن في رقمنة المؤسسات المالية الجبائية، حتى يتم إعطاء كل حق ذي حقه، و يوجه الدعم مباشرة إلي أصحابه، من الفئات المعوزة فمن يتقاضى 3 ملايين سنتيم ، ليس كمن يكون دخله 100 سنتيم ـ وكلاهما يشتري ثمن الخبز بـ 10 دينار مثلا».
وأشار إلى أن «رقمنة القطاعات ستضبط العدد الحقيقي للمعوزين في الجزائر، و يوجه الدعم للفئات المعوزة والطبقات الهشة، وبهذه الطريقة نتأكد بأن التخصيصات المالية ستذهب للفئات الفقيرة مباشرة، فلو قلنا أن قيمة الدعم تصل إلى 15 مليار دولار، فبعد تطبيق الرقمنة سيخف الرقم الى 5 مليار دولار فقط، وتخيلوا المبلغ الضخم الذي سيعود بالفائدة لصالح الخزينة التي ستستغله في مشاريع تنموية وغيرها من الأمور التي تعود بالفائدة على المواطن البسيط. أما الأمر الثاني فهو رقمنة المؤسسات المالية والجمركية للقضاء التهرب الجبائي والقضاء على أساليب المراوغات «.
وفي اعتقاد سبوتة، فإن الحفاظ على القدرة الشرائية يتلخص في استمرار دعم الدولة لعديد القطاعات التي لها صلة مع المواطن مثل، الصحة التعليم السكن ، وغيرها ،مع العلم أن قانون المالية جاء في ظرف صعب جدا مع استمرار الوباء الذي أخذ تخصيصات مالية كبيرة.

الخبير سواهلية :  يجب تعويض المؤسسات وتوسيع النشاط الاقتصادي

من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية، أن «قانون المالية لسنة 2021، جاء بعجز في الموازنة، حيث كان واقعيا في ظل الظروف التي نعيشها بسبب جائحة كورونا، معتبرا أن مبررات الحكومة معقولة في قضية الوباء والتعويضات المختلفة للمؤسسات، إضافة إلى إشكالية التحويلات الاجتماعية كمنهج تعتمد عليه الدولة، وكلها تبريرات مقبولة.
وأوضح الخبير لـ»الشعب»، أن «العجز في الميزان التجاري سيؤثر على القدرة الشرائية للمواطن في ظل انخفاض سعر صرف الدينار الجزائري، بسبب زيادة مرتقبة لتكاليف الإنتاج في مختلف السلع والخدمات، إضافة إلى توقع ارتفاع الواردات، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلي على ضوء الوباء المنتشر والإجراءات الصحية الاحترازية المتخذة، واستمرار فقدان مناصب العمل، مع توقع ارتفاع رقم البطالة بفعل الجائحة، وتوقف مؤسسات اقتصادية بسيطة مثل المقاهي، المطاعم، والمحلات التجارية. مع زيادة تسريح العمال بسبب الضائقة المالية التي تتعرض لها المؤسسات الخاصة».
ويرى الخبير أن الحل يكمن في «تعويض المؤسسات الاقتصادية المتضررة من الفيروس العالمي، خاصة ما تعلق بالخدمات على أن ترفق تلك التعويضات بشروط أولها الحفاظ على الطاقم البشري، توسيع النشاط الاقتصادي في ظل الوباء، وبعد التعافي يجب إعادة النشاط الاقتصادي من جديد».

تغرسي :  1900مليار دينار قيمة التحويلات المالية

يرى الدكتور هواري تغرسي، عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أن التحويلات الاجتماعية في قانون المالية 2021، قد ارتفعت مقارنة مع السنوات الماضية، حيث وصلت إلى 1900 دينار ، ما يقارب 15 مليار دولار، لكن السؤال الذي يطرح اليوم ــ حسبه ــ هل لهذه التحويلات اثر مباشرة على الحفاظ على القدرة الشرائية، او تحسينها؟، وهنا نطرح الإشكالية فيما يخص الإجراءات المتخذة من قبل الدولة».
ويضيف النائب البرلماني في تصريح لـ»الشعب» أن «انخفاض قيمة العملة الوطنية له أثار سلبية، خاصة بالنسبة للاستثمار الوطني، حيث يعود بالسّلب على الفئات الهشة، لأن استمرار تراجع قيمة الدينار سينجرّ عنه ارتفاع في قيمة العملة الصعبة التي يُعتمد عليها في المواد الأساسية، لذلك سوف نشهد ارتفاعا للمواد الأساسية بقيمة 10 بالمائة «.
فالإشكالية بالنسبة للاقتصاد الوطني ــ حسب تغرستي ــ هو ثبات قيمة العملة الوطنية، فقد لاحظنا حتى في الأسواق اليومية قد ارتفعت الأسعار في مختلف السلع الاستهلاكية، وهذا قبل نزول المشروع الى قبة البرلمان، بمجرد انتشار إشاعات تفيد برفع الدعم ، ورأينا تخوفا بالنسبة للعملية الإنتاجية وبالنسبة للنشاط الإنتاجي والصناعي، وأصبحت هناك عملية احتكار للسلع للصناعيين والتجار وبالنسبة لذوي المحلات الصغيرة «.
ويشدد العضو البرلماني على أنه «إذا أردنا الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن ما علينا سوى التخطيط لإستراتيجية تنموية إنتاجية، وإزالة كل العراقيل الموجودة في القطاع الصناعي والإنتاجي والفلاحي، ومن دون هذا الحل تبقى القيمة الحقيقية للدخل منخفضة،ويبقى الحديث عن ارتفاع القدرة الشرائية للمواطن، مرتبط بالأساس بارتفاع القدرة الإنتاجية ، خاصة وأن الرئيس كان قد اتخذ قرارات مهمة فيما يخص دعم الطبقات الهشة، و رفع الضريبة على الدخل، لكن عمليا هناك تناقض في تطبيق القوانين و اتباع المراسيم الرئاسية ، لذلك وجب أن ترفق التدابير المتخذة بمكانيزمات لتطبيقها في الواقع للحفاظ على قدرة المواطن الشرائية».