طباعة هذه الصفحة

المصالحة وإخراج القوّات الأجنبية التحدّي الأكبر

ليبيا تودّع 2020 بإنجازات سياسية هامة

باتت ليبيا مع نهاية سنة 2020 على مشارف مرحلة جديدة رسمت ملامحها التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي شهدها البلاد، منذ جانفي الماضي، ضمن عملية سياسية شاملة برعاية أممية حققت في مجملها العديد من الانجازات في انتظار تجاوز العقبات التي حالت دون تسوية الأزمة بسبب تدخلات الأطراف الخارجية في الملف اللّيبي.
ترّسخت لدى الأطراف الليبية والدول الفاعلة، قناعة بفشل كل الخيارات العسكرية لحل الأزمة اللّيبية، التي ساهمت فقط في إطالة أمد الصراع، وتأكدت أن السبيل الوحيد للتسوية يكون من خلال الدفع بكل الأطراف الليبية للدخول في مفاوضات سياسية.
وهو ما تم تجسد في المؤتمر الدولي، الذي احتضنته العاصمة الالمانية برلين، مطلع 2020 تحت رعاية الأمم المتحدة، بمشاركة الجزائر، والذي تم خلاله الاتفاق على توحيد المؤسسات اللّيبية، ووقف التدخلات الخارجية إلى جانب التشديد على ضرورة احترام حظر الأسلحة المفروضة على ليبيا ووقف إطلاق النار، واقتضى حينها الحل ثلاثة مسارات للتسوية (سياسي -اقتصادي وأمني).

تحديد موعد الانتخابات العامة

ولعلّ أهم الانجازات التي توصلت إليها أطراف الحوار السياسي الليبي، عقب سلسلة من اللقاءات عقدت في تونس وليبيا، تحديد موعد للانتخابات العامة في 24 ديسمبر 2021، في وقت تتواصل فيه المباحثات من أجل تذليل العقبات التي كان أبرزها تحديد آلية للتصويت على تسمية اعضاء السلطة التنفيذية وذلك لتمهيد الطريق أمام إجراء الانتخابات العامة.
 وإن تمكن الفرقاء في 23 أكتوبر من تحقيق أكبر انجاز في السنة على المستوى الأمني، بفضل التوصل الى إتفاق لوقف اطلاق النار الذي تمخض على اجتماعات اللجنة العسكرية (5+5) في جنيف، يبقى تنفيذه هشا في ظل التواجد الأجنبي في البلد، الأمر الذي أثار مخاوف وتحذيرات أممية من تحوّل البلد إلى قاعدة للهجمات الارهابية.
وبعد المفاوضات السياسية والأمنية، لازال الملف الاقتصادي يستحوذ على طاولة النقاش، لتحقيق الإصلاح الضرورية في القطاع لاسيما الاتفاق على إعادة إنتاج النفط وتوحيد المصرف المركزي وسعر الصرف.
وتعرض الاقتصاد اللّيبي، خلال عام 2020 إلى ثلاث ضربات بشكل متزامن، وهي الأزمة وفيروس «كورونا» المستجد وتهاوي إيرادات النفط، الأمر الذي دفع بليبيا نحو أسوأ أزمة مالية تمر بها البلاد، منذ عشرات السنين، وهو ما يدفع بالأمم المتحدة، اليوم، الى إدخال إصلاحات هامة على الاقتصاد من خلال اجتماعات جنيف.
وتوّقع البنك الدولي في تقرير حديث أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد اللّيبي انكمش بنسبة 19.4 في المائة في عام 2020 وهي أعلى نسبة انكماش عربيا.

تزكية المقاربة الجزائرية

منذ بداية الأزمة اللّيبية، دافعت الجزائر عن خيار الحل السياسي في البلد الجار، وأكدت تمسكها بعقيدتها التقليدية في رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول.    
 وبعد تفاقم الأوضاع في ليبيا، جددت العديد من الاطراف الفاعلة في الأزمة على أهمية المقاربة الجزائرية التي ما فتئت تنادي بضرورة حل سياسي للأزمة من خلال حوار ليبي-ليبي يضم كل الاطراف في البلد، تحت رعاية الأمم المتحدة يفضي إلى بناء مؤسسات شرعية عبر انتخابات نزيهة وشفافة تقود ليبيا إلى بر الأمان.
وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال مشاركته في مؤتمر برلين بدعوة من المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في جانفي الماضي، مبرزا دور «التدخل السلبي» في عودة ظهور العنف في ليبيا، مطالبا المجتمع الدولي، ولاسيما أعضاء مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياتهم لضمان السلام والأمن في ليبيا مع احترام سلامتها الوطنية وسيادتها الإقليمية.

دور قوّي للاتحاد الإفريقي

هذا بينما أظهر الاتحاد الافريقي، من جانبه، اهتماما خاصا بالأزمة الليبية وهو ما تجسد خلال قمة الاتحاد الافريقي 33 التي احتضنتها أديس أبابا، في فيفري الماضي، لتؤكد من جديد على دور المنظمة القارية في تسوية الازمة اللّيبية.
وتواصل منظمة الأمم المتحدة، بدورها، جهودها لتعيين مبعوث أممي جديد لليبيا خلفا لغسان سلامة المستقيل في مارس الماضي. وبعد أن استبشر الليبيون في نهاية العام الجاري بتوصل أعضاء مجلس الأمن الى اتفاق لتعيين نيكولاي ملادينوف البلغاري، أعلن هذا الاخير اعتزامه الاستقالة من الهيئة الأممية وهو ما يترك الملف أمام أكبر التحدّيات التي لازالت تنتظر البت فيها سنة 2021.