طباعة هذه الصفحة

بعد انطلاق عملية التلقيح، بلال عوالي لـ «الشعب»:

حملة التطعيم تعطي ديناميكية للإنعاش الاقتصادي

فتيحة كلواز

 الاستثمار، الإصلاحات الإدارية والرّقابة أهم الورشات

توقّف الخبير الاقتصادي الدكتور بلال عوالي، عند الأثر الإيجابي لانطلاق حملة التلقيح ضد «كوفيد-19» في الجزائر على خطة الإنعاش الاقتصادي، التي عرفت تأخرا بسبب الأزمة الصحية الاستثنائية السنة الماضية، حيث أعطت الدولة الأولوية لصحة المواطن من خلال إجراءات وقائية وتدابير احترازية، وفق ما تقتضيه السياسة الوطنية لمجابهة كورونا، خاصة وأن الدور الذي تقوم به الدبلوماسية في توفير اللقاح، أعطى الجزائر صورة إيجابية في كونها دولة ذات قرارات سيادية تملك القدرة الكاملة للمحافظة على أمن وصحة مواطنيها.
اعتبر الخبير الاقتصادي في اتصال مع «الشعب»، أن توفر اللقاح من أبرز بوادر الإقلاع الاقتصادي في الجزائر، حيث كان التوصل الى لقاح فعّال ضد فيروس كورونا، أبرز ما يثقل كاهل الدولة طوال الأزمة الصحية التي شهدتها على غرار باقي دول العالم، خاصة وأن النشاط الاقتصادي في كل دول العالم، كان مرهونا بالتحرر من مختلف القيود المفروضة جراء انتشار وباء كورونا فيها، فقد عانت عدة نقاط سوداء ضربت باقتصاداتها كالاستثمار الأجنبي، وغلق الحدود الكلي بسبب التخوف من العدوى.
وأكّد المتحدث، أنّ أي إقلاع اقتصادي في أي دولة كانت مرهون بتحرّر آلية النقل، وإنهاء إجراء الحجر المنزلي الجزئي خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار توقف الموارد المتأتية من الخارج، مفيدا في الصدد نفسه أن أكبر تحدّ تعوّل عليه الجزائر هو بناء منظومة اقتصادية منتجة ومتنوعة الموارد، لذلك كان لا بد من توفر أريحية تامة في المناخ السائد.
وكشف عوالي أن السنة الماضية عرفت تحويل اعتمادات مالية كبيرة وجّهت لقطاع الصحة، وخصّصت ميزانية ضخمة لمواجهة الوباء من أجل وقف انتشاره، في إطار السياسة الوطنية لمجابهة جائحة «كوفيد-19»، لكن يمكن القول إن الجزائر تجاوزت هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة مقارنة ببعض الدول الأخرى.
في المقابل كانت الأزمة الصحية وراء تأخر انطلاق الخطة الوطنية للإنعاش الوطني، بسبب الصرامة والحزم في التعامل مع الوضع الاستثنائي حفاظا على صحة المواطنين التي اعتبرها رئيس الجمهورية أولوية.  
في هذا السياق، أوضح الدكتور أنّ الجزائر بعد فصلها في مسألة اللقاح بتوفير الغلاف المالي اللازم لشرائه وتوفيره للمواطنين، تعطي كباقي دول العالم المتضررة من «كوفيد-19» العناية الفائقة للإنعاش الاقتصادي، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الركود والانكماش اللذين يتبعان أي أزمة، حيث ستسعى مختلف الدول جاهدة بكل قوتها الى تجاوز هذه الفترة، لذلك كان المفتاح الأساسي لأي إقلاع بعد ازمة وباء كورونا هو توفر اللقاح، وهو ما يعني بداية ظهور بوادر انتهاء الوضع الاستثنائي، لتأثيرها على تطبيق الخطط الاقتصادية، وتحصيل الموارد لذلك يمكن اعتبار اللقاح بادرة خير.
ونوّه عوالي بالدبلوماسية الخارجية التي حرصت على أن تكون الجزائر من بين الدول الأولى التي تتحصل على اللقاح في إفريقيا، ما يعطيها صورة إيجابية في العالم، لأنها تعكس مقدرة الجزائر على اتخاذ قرارات سيادية في مثل هكذا أزمات، بل سوّق صورة إيجابية عالميا في امتلاكها كل الإمكانيات المادية والبشرية لحماية كل مواطنيها وكل المتواجدين على ترابها، سواء أمنيا أو صحيا، وهذا ما يعبر عنه الخبراء بالأمن الاقتصادي والصحي، ما يشكّل نقطة حاسمة في تاريخ الجزائر.
في هذا الصدد، قال المتحدّث إنّ الجزائر واجهت أزمة كورونا بصرامة كبيرة من خلال اتخاذ كل تلك الإجراءات الاستباقية والوقائية والصحية، وأصبح الكل يعلم أن لديها منظومة صحية متماسكة استطاعت مجابهة الوباء العالمي والصمود أمامه، وكذا اتخاذ القرارات اللازمة لتسيير الوضع الاستثنائي من خلال توفير التموين والمحافظة على القدرة الشرائية، وكذا بالعمل على الحد من خسائرها، فحتى وإن كانت هناك آثار سلبية للوباء، لا يمكن قياس أداء أي دولة أو استثمار في ظل وجود أزمة صحية.
الوضع صعب لكن ليس خطرا
قال عوالي إن تجاوز الآثار السلبية ليس مستحيلا، فالصين بالرغم من أنها عاشت الأزمة بخسائر كبيرة، إلا أنها استطاعت تحقيق إنعاش اقتصادي بعد تجاوزها وباء كورونا، فبعد انطلاقها في حملة التلقيح عادت إلى بعث حركتها الاقتصادية من خلال إبرامها اتفاقيات حتى على ضوء الجائحة العالمية، ورفعت من تعاونها الآسيوي.
وفي ذات السياق، أكّد الخبير الاقتصادي انه مع انطلاق حملة التلقيح ضد كورونا وانخفاض عدد المصابين الجدد، سيكون هناك انفتاح على العالم حيث سيتم تطبيق خطة الإنعاش الاقتصادي على أكمل وجه، فظهور بوادر نهاية الأزمة الصحية باللقاح يقابله ظهور بوادر إطلاق خطة الإنعاش الاقتصادي، ما يعطي المتتبعين تفاؤلا كبيرا في معالجة مختلف الملفات الاقتصادية على غرار الرقمنة، الضرائب وكذا تنفيذ الخطة المبرمجة بغية تشجيع الاستثمار بوجود شباك موحد، لتليها مرحلة الإصلاحات الإدارية والورشات الإصلاحية المزمع إجراؤها هذه السنة.
وأكّد عوالي أنّ نجاح ونجاعة مرحلة الرقابة والتنفيذ، التي تأتي بعدها مرهون بالخروج من الأزمة الصحية الاستثنائية، متأسّفا في الوقت نفسه على اقتران حجج ومبررات عدم تنفيذ البرامج بالوضعية الوبائية للبلاد، مؤكّدا على قدرة الجزائر تجاوز الوضع الصعب الذي تعيشه، لأنه كما قال رئيس الجمهورية ليس خطرا، لكن من الضروري الانتقال إلى ما بعد كورونا فوجود لقاح يعني إقلاع اقتصادي، وبداية استثمار حقيقي، خاصة مع توفر رغبة ديناميكية في حركة الأموال.