طباعة هذه الصفحة

في الذّكرى الـ 32 لتأسيس إتحاد المغرب العربي، سعيد مقدم:

التّكتّل المغاربي الأضعف في القارة الإفريقية ويحتاج للتفعيل

سهام بوعموشة

6 مليار دولار سنويا خسارة على صعيد المبادلات التجارية 

افتقار الأسواق المغاربية للإستثمار الأجنبي المباشر

 الحاجة إلى بنك للبيانات الزراعية، الفلاحية والرقمنة 

البنى التحتية أساسية لإيصال وتيسير المعاملات التجارية

الاتحاد الأوروبي عطّل بناء التكتل المغاربي 

نأمل عودة ليبيا الشّقيقة إلى حضن فضائها الإقليمي

استعرض الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي، سعيد مقدم، بـ «منتدى الشعب» بحضور محمد الطغرائي وزير مفوّض بالسّفارة المغربية بالجزائر، محمد المختار أحمدو مستشار أول بالسفارة الموريتانية بالجزائر، الغرياني لطفي مستشار بسفارة تونس بالجزائر، محمد سعد عمر المحروق وزير مفوّض بسفارة ليبيا بالجزائر معوقات فشل الإتحاد المغاربي، مؤكّدا أنّ خسارة لا تكتل مغاربي تجاوزت 6 مليار دولار سنويا على صعيد المبادلات التجارية، مشيرا إلى أنّ التكتل المغاربي الجهوي من أضعف التكتلات في القارة الإفريقية ويحتاج للتفعيل.

تأسّف سعيد مقدم أنه بالرغم مرور 32 سنة على قيام التكتل الجهوي الإقليمي المغاربي الذي من المفروض أن يكون متبوعا بنتيجة، متحدثا عن عوائق تحول دون قيامه وتجسيده على أرض الواقع بالنظر إلى الأحلام التي علقتها الأجيال المتعاقبة على منطقتنا المغاربية، وأيضا بالنظر إلى الأهداف التي رسمتها المعاهدة التأسيسية في مراكش عام 1989 وقمّة زرالدة التاريخية لعام 1988 وقبلها قمة طنجة سنة 1958 وغيرها من المحطات وبعد استعادة السيادة الوطنية كانت هنالك محاولات عديدة لتكتل مغاربي جهوي، آملا في عودة ليبيا الشقيقة إلى حضن فضائها المغاربي الطبيعي، بعدما حقّقت نتائج إيجابية في ملتقى الحوار السياسي الليبي المنعقد بجنيف، والتوصل في أقرب وقت ممكن إلى إختيار السلطة التنفيذية الانتقالية لمباشرة مهامها ولاسيما التحضير  لإجراء الانتخابات المقررة مع نهاية العام الجاري بهدف الخروج نهائيا من الأزمة التي تعصف بها وصولا إلى المصالحة الشاملة التي تضمن وحدتها وسيادتها.
في المقابل، أبرز الأمين العام للاتحاد أنّ التكتل المغاربي الجهوي مصنّف من بين أضعف التكتلات الجهوية في القارة الإفريقية، قائلا: «من حيث المبدأ يسجّل تمسك الدول المغاربية في خطاباتها الرسمية وفي دساتيرها المحيّنة ابتداءً من 2011 إلى اليوم بانتمائها المغاربي، وبمشروع الوحدة المغاربية كمشروع حضاري واستيراتيجي، بل وكمكسب تاريخي لأبناء المنطقة المغاربية وهو ما يترك باب التفاؤل قائما».
ويضيف أنّه من حيث البناء المؤسّساتي يسجّل استكمال هذا الأخير للتكتل المغاربي الموزعة هياكله وأجهزته بين العواصم الخمسة أمانة عامة قارة بالرباط، برلمان مغاربي استشاري بالجزائر، هيئة قضائية بنواكشط وأيضا جامعة وأكاديمية مغاربية بطرابلس، وصولا إلى تأسيس وتنصيب البنك المغاربي للتجارة والإستثمار الخارجي بتونس، ويرى أنه من حيث التطلعات تنتظر هذه المؤسسات والأجهزة تفعيلها وتنشيطها من أجل تحقيق الغرض من إنشائها وإلا مآلها الزوال.  في هذا الصدد، أبرز مقدم وجود تحديات جمة تعرفها المنطقة تحت تأثير العوامل الداخلية والخارجية للإستجابة للطموحات المشروعة لأبناء المنطقة المغاربية في الإندماج والتكتل والتعاون، والتآزر بين الشراكات المتوازنة البينية التي تعود بالنفع والرفاهية على مجتمعاتنا وصولا إلى بناء تكتل إجتماعي، اقتصادي وثقافي وبناء قوة تفاوضية بامتياز في علاقاتنا مع التكتلات المماثلة سواء قاريا أو دوليا، ممّا سيعمل على صقل روح المواطنة المغاربية في إطار منظومة قانونية اتحادية، مضيفا أنّ هذه المنظومة ينتظر أن توفر أسباب النجاح، وتضمن أيضا الدفاع عن المصالح المشتركة وحقوق أبناء المنطقة في فضائها.

لا ينبغي إغفال الجالية المغاربية

أشار مقدم إلى أنّه ينبغي أن لا ننسى قضايانا بالنسبة للجالية المغاربية في المهجر، متمنيا الوصول إلى إنشاء مجلس مغاربي للدفاع عن مصالح هذه الجالية، قائلا: «نحن مطالبون بانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين تضمن لهم الحق في حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال البينية»، متأسّفا على أن حلم الأجيال الحاضرة لا يزال تحقيقه بعيد المنال لأنّنا ابتعدنا عن الحرارة الإيجابية التي ميزت لقاء طنجة التاريخي بين الأحزاب المغاربية سنة 1958، كما أعطت البلدان المغاربية الأولوية للانشغالات والحسابات الداخلية المتغيرة في ظل غياب التعاون والتنسيق في العمل الوحدوي، وأيضا جسور التواصل والثقة والخلافات الثنائية العالقة.  
وأضاف المتدخّل أن التحديات في المنطقة حاضرا ومستقبلا كثيرة ومتنوّعة منها مسألة الأمن بمختلف أوجهه، أهمها الأمن الغذائي بالدرجة الأولى بحكم أنّنا بحاجة إلى استراتيجية تنموية فلاحية عن طريق وضع وتنفيذ برامج مشتركة لحصر وتصنيف ورصد الموارد الطبيعية الفلاحية والاستغلال المشترك، مشيرا إلى افتقار الأسواق المغاربية للإستثمار الأجنبي المباشر، والإستغلال الأمثل للموارد البشرية والمالية والطبيعية، قائلا: «لا توجد مشاريع مشتركة على المستوى الإقليمي خاصة في مجال البحث العلمي والتطوير الفني هي من أبجديات العمل الإتحادي في عالمنا المعاصر عالم التكتلات».
وبحسبه فإنّنا بحاجة إلى إحداث بنك للمعلومات والبيانات الزراعية والفلاحية والرقمنة وغيرها من المتطلبات، مشدّدا على أهمية البنى التحتية التي تعد أكثر من ضرورية لإيصال وتيسير المعاملات التجارية وتنقل الأفراد والبضائع بين البلدان المغاربية، مضيفا أنه بدون بنى تحتية أساسية لا يمكن تحقيق الاندماج والتكامل، وأنّ إعداد استراتيجية واضحة المعالم في هذه المجالات تعد القاعدة الأساسية للتكامل المغاربي، ومن شأن ذلك المساهمة في التخفيف من نسب البطالة المرتفعة جدا.
وفيما يخص العوائق التي تحول دون تجسيد التكامل والاندماج المغاربي، قال سعيد مقدم إن هنالك عوائق سياسية واقتصادية، فعلى المستوى السياسي استمرار الخلاف حول تسوية القضية الصحراوية التي تنتظر مخرجا سياسيا أمميا توافقيا، وبقاء بعض الملفات الثنائية عالقة منها قضية الحدود الموصدة بين بلدين عضوين في الاتحاد وغيرها، أما النقطة الرابعة فتتعلق بالتفاوت الاقتصادي الواضح بين الدول المغاربية وهشاشة اقتصادياتنا من جهة، وعدم جاذبية الأسواق المغاربية للاستثمار الأجنبي المباشر وافتقادها للمنافسة، بالإضافة إلى تأثر وتيرة عمل الاتحاد بالعديد من المسائل المرتبطة بمقتضيات التكامل والاندماج، مما انعكس سلبا على نصيب دخل الفرد المغاربي، الذي تأثّر كثيرا في العشرية الأخيرة.
وأكّد مقدم أنّ العوامل الخارجية كان لها بصماتها في تعطيل بناء التكتل المغاربي وإفشال قيام الاتحاد، حيث عمل الاتحاد الأوروبي باعتباره أكبر شريك اقتصادي تقليدي وأقرب تجمع مجاور للمنطقة المغاربية على عرقلة تفعيل وتجانس البناء المغاربي، وحرص على أن تظل المنطقة المغاربية تابعة لفضائه الأوروبي في تعاملاته وتبعياته الاقتصادية والتجارية، ويتجلى ذلك في عقود الشراكة المبرمة بين الدول المغاربية فرادى مع الاتحاد الأوروبي، كما أفشل قيام مشاريع لأسواق مغاربية وقيام المنطقة المغاربية الحرة للتجارة التي كان من المقرر تجسيدها ابتداء من عام 1991، علاوة على طرح فرنسا لفكرة إنشاء مشروع الاتحاد من أجل المتوسط.
أما العامل الداخلي فتجلى في الثورات التي عرفتها بعض البلدان المغاربية لدواعي وعوامل اقتصادية واجتماعية، خاصة تونس وليبيا وغيرهما، حيث أعطت هذه البلدان الأولوية للسياسات العمومية الوطنية على حساب العمل المغاربي الاتحادي.

التّبادلات التجارية البينية ضعيفة

بالنسبة لحجم التبادلات التجارية البينية بين أقطار الإتحاد، أكد ضيف «المنتدى» أنها ضعيفة جدا ومتأرجحة مقارنة بالإمكانيات وبالطموح، وبحجم مبادلاتنا كدول منفردة مع دول العالم المرتفع جدا بسبب عدم تفعيل المؤسسات الإتحادية القائمة وعدم التنويع وتطوير العلاقات البينية في مختلف المجالات، وبحسب تقرير 2019 للمؤسسات المالية الدولية، فإن خسارة لا تكتل مغاربي تجاوزت 6 مليار دولار سنويا على صعيد المبادلات التجارية فقط، ومن 2 إلى 3 نقاط نمو خسرت سنويا، ممّا يستدعي تسهيل التجارة البينية المغاربية وتنسيق التجارة مع الخارج.
ويرى مقدم أنّ مضاعفة وتيرة عملية الاندماج بين الدول في حالة التكتل من شأنها إحداث سوق إقليمية قرابة 100 مليون نسمة يصل فيها الدخل المتوسط للفرد المغاربي إلى 12 ألف دولار سنويا على أساس تساوي القدرة الشرائية، ممّا يشكل مدخلا للتحفيز واستقطاب الاستثمار، ويساهم في تخفيض تكلفة التجارة الإقليمية البينية وفي تسريع حركة العمل، وفي استحداث ما يزيد عن 250 ألف منصب شغل عمل سنويا.