طباعة هذه الصفحة

رئيس الجمهورية في خطـاب للأمة

قـرارات حاسمـة لتغييـر جـــذري

 أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في خطاب للأمة، مساء الخميس، عن جملة من القرارات الهامة وأخرى سيتم الإعلان عنها مستقبلا، في إطار التغيير الجذري الذي طالب به الحراك «الأصيل والمبارك» وذلك من خلال «حلول مؤسساتية ودائمة».
قال الرئيس تبون، إنه يخاطب الشعب بعد مرور سنة على انتخابه رئيسا للجمهورية ونيله «بشرف كبير ثقة الشعب الغالية يوم 12 ديسمبر 2019». مضيفا، أن الأقدار شاءت أن يصاب بمرض تعافى منه اليوم ليخاطب الأمة بمناسبة ذكرى يوم الشهيد، منوها بتضحيات الشهداء الذين «ضحوا بالنفس والنفيس كي نعيش وتعيش الجزائر مستقلة تسيّر من طرف أبنائها وهو درس لنا اليوم، خاصة حينما نرى بعض الجزائريين يريدون بيع وشراء هذا الوطن المفدى بثمن بخس».
وبذات المناسبة، توجه رئيس الجمهورية بشكره للجزائريين على «مشاركتهم ومرافقتهم له في كل الورشات التي فتحناها معا، وأكبرها كان بداية العهدة بتغيير الأساليب والسلوك والتكفل الاجتماعي بكل الجزائريين الذين كانوا محرومين لسنوات دون أن يدافع عنهم أحد».

حل المجلس الشعبي الوطني... وتشريعيات مسبقة

أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عن حلّ المجلس الشعبي الوطني الحالي وتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، قائلا في هذا المجال: «لقد قررت حل المجلس الشعبي الوطني الحالي وسنمر مباشرة من الآن إلى انتخابات خالية من المال الفاسد أو غير الفاسد، تفتح أبوابها للشباب حتى يكون لهذه الفئة وزنها السياسي»، الذي يمكنها من اقتحام المؤسسات المنتخبة.
وأكد أن الدولة ستعمل على مساعدة هؤلاء الشباب، خاصة في مجال خوض حملتهم الانتخابية التي «سنتكفل بجزء كبير منها»، مثلما قال.
وبهذه الكيفية، يضيف الرئيس، «نكون قد شرعنا في التغيير من خلال ضخ دم جديد في أجهزة الدولة وفي البرلمان الذي سيكون لسان وعين الشعب بصفة عامة».
وجدد الرئيس تبون التأكيد أن «البرلمان سينتخب والمراقبة ستكون من طرف الهيئة المستقلة ولن يتدخل فيها لا رؤساء البلديات ولا الولاة... حتى رئيس الجمهورية لا يمكنه التدخل، وسنحاول بكل الوسائل لكي لا يبقى أي شك في مؤسساتنا».

تعديل حكومي في الأفق

وأعلن الرئيس تبون بالمناسبة، عن إجراء تعديل حكومي خلال 48 ساعة، يمس بعض القطاعات التي سجلت «نقصا في أداء مهامها». موضحا، أنه تابع «الانتقادات التي يبديها المواطن عن حق»، بخصوص أداء «بعض القطاعات الحكومية»، وقرر إجراء «تعديل حكومي يشمل «القطاعات التي يشعر المواطن ونشعر بنقص في تأديتها لمهامها في حل المشاكل».

عفو رئاسي لفائدة معتقلي «الحراك»

وأعلن عن إصدار عفو رئاسي لفائدة 30 شخصا من موقوفي الحراك الشعبي الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية نهائية.
وقال الرئيس، إنه «بمناسبة إحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي المبارك والأصيل (22 فبراير 2019 )، سيصدر في حق مجموعة تتكون من حوالي 30 شخصا معتقلا حكم عليهم نهائيا عفو رئاسي»، مضيفا أن «هناك مجموعة أخرى لم يحكم عليها بعد بصفة نهائية وعددهم يتراوح بين 55 أو 60 فردا وسيلتحقون بعائلاتهم».

التغيير الجذري عبر المؤسسات

وأكد رئيس الجمهورية، أن التغيير الجذري لا يأتي إلا بتغيير يفضي الى مؤسسات «لا غبار عليها ولا تشكيك فيها»، مثلما كان يطالب به «الحراك المبارك». موضحا: «لقد خضنا معركة التغيير المتعلقة بتغيير النصوص والمؤسسات بصفة عامة، مثلما كان يطالب به الحراك المبارك والأصيل لـ22 فبراير 2019». وأن «التغيير الجذري لا يأتي إلا بقوانين ومؤسسات جديدة».
وشدد على أنه «عندما تتغير السلوكات والذهنيات، سنصل الى مؤسسات معترف بها، لا غبار عليها ولا تشكيك فيها، وهو من أهداف الحراك المبارك».
وذكر في هذا السياق، بالتعديل الدستوري الأخير قائلا: «انطلقنا بتعديل الدستور الذي أدمجنا فيه كل مطالب الحراك والذي كرس حرية مطلقة فرديا وجماعيا».

السياسة الخارجية ثابتة

وبشأن السياسة الخارجية للجزائر، أكد الرئيس تبون، أنها تبقى «ثابتة» فيما يخص تسوية النزاعات بالطرق السلمية والحوار، خاصة تلك التي تشهدها قارة إفريقيا. مشددا على أن النزاع في الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار يجب حله من خلال تنظيم استفتاء تقرير المصير. مؤكدا أن «موقف الجزائر واضح» في هذه المسألة، مشددا على أنها تبقى مسألة تصفية استعمار باعتبارها «آخر مستعمرة في افريقيا والتي يستدعي حلها تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير ولا يوجد حل آخر».
وأعرب عن «ارتياح» الجزائر للإتفاق الذي توصل إليه الفرقاء الليبيون في سويسرا، وهو الأمر الذي يشرّف ويطمئن الجزائر التي بذلت مجهودات دبلوماسية للوصول إلى تسوية سلمية للأزمة في هذا البلد.
وفي هذا الإطار، قال الرئيس إن الدبلوماسية الجزائرية أبرزت من جديد صوت الجزائر في المحافل الدولية فيما يخص الأزمة الليبية، من خلال التأكيد على الدوام أن الحل يجب أن يكون ليبيا- ليبيا، ووقوفها على نفس المسافة مع كل الأطراف والطوائف، دون أن تميل الكفة إلى طرف أو آخر وبإشراف الأمم المتحدة.
وأبرز الرئيس تبون، أنه تمخض عن اجتماعات جنيف، اختيار قيادة ليبية جديدة أسندت لها مهام تنظيم انتخابات عامة على المستوى الليبي في 24 ديسمبر المقبل. وكانت الأطراف الليبية قد نجحت، مطلع فبراير الجاري، في إطار ملتقى الحوار السياسي في جنيف برعاية أممية في اختيار سلطة تنفيذية جديدة.
ولدى تطرقه إلى الأوضاع في الساحل، لفت الرئيس إلى مشاركة الجزائر في تنشيط إعادة إحياء اتفاقية السلم والمصالحة في مالي المنبثقة عن مسار الجزائر، مشيرا إلى أنه بعد سنوات من توقيع الأطراف المالية على هذه الوثيقة، نظمت لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق اجتماعا، مؤخرا في مدينة كيدال (شمال مالي)، برعاية السلطات المالية ومن شأنه أن يدفع قدما نحو تطبيق بنوده بما يمكن من استعادة السلام المفقود في شمال البلاد.
وهي الخطوة التي باركها الرئيس تبون، معربا عن أمله في ان «تتضافر الجهود مع باقي الدول التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار في مالي والعمل سويّا من أجل استرجاع الطمأنينة والهدوء للأشقاء في هذا البلد».
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فجدد الرئيس موقف الجزائر الثابت والمبدئي واللامشروط الداعم لحق الشعب الفلسطيني في استرجاع كافة حقوقه المغتصبة، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، على أساس مبادرة السلم العربية.

تصنيع «سبوتنيك -V» محليا بعد 6 أو 7 أشهر

وتحدث الرئيس عن الوضع الصحي، باللجوء إلى تصنيع لقاح «سبوتنيك -V» المضاد لفيروس كورونا بالجزائر في غضون ستة أو سبعة أشهر من الآن.
وتابع يقول: «هناك من يشكك (في الأمر)، لكننا اتقفنا مع أصدقائنا الروس على تصنيع هذا اللقاح»، مذكرا بأن تصنيع اللقاحات ليس بالأمر الجديد على الجزائر، ليضيف: «صحيح أن هذا اللقاح خاص، لكن هناك صيغ مختلفة لتصنيعه، سواء عن طريق المادة الخام أو غيرها».
وحرص رئيس الجمهورية على الإشادة بسلوك المواطنين في وجه هذه الجائحة التي تمت مواجهتها، قائلا: «بفضل صبر وتضحيات الجزائريين وبالأخص فئة كبيرة من الشباب وانضباطهم وصلنا إلى تناغم في خوض المعركة ضد الفيروس».
وعاد للتذكير بمختلف الجهود التي تم بذلها للتصدي لهذه الأزمة الصحية، متوقفا عند الإعلان عن أول بؤرة للإصابة بهذا الفيروس بولاية البليدة. وقال بهذا الخصوص، «أتذكر بافتخار التضامن الذي أبداه الجزائريون في كل ربوع الوطن» والذي عكس «صورة الجزائر الحقيقية ونخوة الجزائريين».
واسترسل الرئيس مؤكدا على جدوى الإجراءات التي تم إقرارها إلى غاية الآن في هذا الإطار، حيث قال: «كانت هناك انتقادات في الخارج حول قيام الجزائر بغلق مجالها الجوي، لكننا نرى اليوم بلدانا أخرى انتهجت نفس السبيل».
وخلص الرئيس تبون إلى تحية الجزائريين، مرة أخرى، على ما أبدوه من صبر تجاه الإجراءات الصارمة التي اتّخذت للتصدي لفيروس كورونا، بقوله: «أشكركم على الصبر الذي أعطى نتيجة».

إعفاء الأجور مسّ 6,5 ملايين مواطن

في الشق الاجتماعي، كشف رئيس الجمهورية، أن عملية إعفاء الأجور الأقل من 30 ألف دج من الضريبة على الدخل، مست ما يقارب 6,5 ملايين مواطن.
وأوضح، أن «القرار الذي التزمتُ به في حملتي الانتخابية والمتعلق بعملية إعفاء الأجور الأقل من 30 ألف دج من الضريبة على الدخل، قد طبق في الميدان ومس ما يقارب 6,5 ملايين مواطن».
وأضاف الرئيس تبون، أن هذا الإجراء المتخذ في إطار العديد من الورشات التي تم فتحها منذ بداية عهدته الرئاسية، «جاء لفائدة الطبقات الاجتماعية البسيطة وتم تطبيقه رغم الصعوبات المالية وتراجع أسعار النفط والأزمة الصحية العالمية».
كما ذكر بقراره النابع من إحساسه بـ»معاناة» ذوي الدخل الضعيف وضرورة التكفل الاجتماعي الأحسن «بالجزائريين الذين كانوا محرومين لعدة سنوات» والمتمثل في رفع الأجر الوطني القاعدي المضمون من 18 ألف إلى 20 ألف دينار.
وشدد في نفس السياق، على أن الدولة ستواصل التكفل بأبناء الجزائر وبمحاربة المال الفاسد الذي كان يستنزف من خلال تضخيم الفواتير والاستثمار في الخارج.

معركة اقتصادية وأخرى مؤسساتية

وتحدث الرئيس عن «معركة أخرى» تتعلق بتراجع الاقتصاد العالمي «بنسبة تفوق 80 بالمائة» بسبب جائحة كورونا، وهي الجائحة التي أثّرت أيضا على الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن «التدابير التي اتخذناها في التضامن والمساعدة وتخفيف الوطء على المتعاملين الاقتصاديين، مكّنت من تجاوز هذه المرحلة بأقل ضرر ممكن».
وشدد على أنه «حان الوقت للانطلاق في بناء الاقتصاد والاستثمار»، مشيرا إلى أنه التقى المستثمرين وشجّعتهم على «الانضمام إلى الخطة التي تم تسطيرها والمتعلقة بإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد والاستثمار المنشئ لمناصب الشغل وللثروة والابتعاد عن الاقتصاد المزيف السابق الذي كان يرتكز على الاستيراد وتضخيم الفواتير».
وأكد الرئيس تبون ضرورة «إعطاء أهمية كبيرة للشباب المبدع في الاقتصاد الوطني»، مشيرا إلى أن هذه الأهمية برزت من خلال «إنشاء وزارتين وصندوق مخصص لهم لتسهيل الاستثمار في الشركات الناشئة والمصغرة».

مرصد للمجتمع المدني، مجلس أعلى للشباب ومحكمة دستورية

وبعد أن شدد الرئيس تبون على أن «التغييرات التي جاء بها الدستور ويشعر بها المواطن»، تضمنت «تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتعزيز صلاحيات المنتخبين، سيما على مستوى البرلمان».
وإلى ذلك، تطرق الرئيس للورشات التي فتحها «أمس واليوم، تطبيقا للدستور الجديد»، كاشفا أنه سيتم «خلال أسبوع إتمام النص الأول الذي يسمح بتنصيب المرصد الوطني للمجتمع المدني»، إلى جانب ورشة أخرى تتعلق بـ»إتمام، بعد 15 إلى 20 يوما، النصوص النهائية التي تسمح بتنصيب المجلس الأعلى للشباب» وكذا الورشة المتعلقة بإنشاء «المحكمة الدستورية، بحيث يتحول المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية بصلاحيات أخرى».
وفي ختام خطابه، أعلن رئيس الجمهورية عن «قرارات أخرى» سيتم اتخاذها مستقبلا»، مشيرا إلى أن «الوقت يداهمنا».
وأكد أن «الدستور سيكون ساري المفعول بكل ما تضمّنه في بضعة أشهر»، معتبرا أن «الحلول الحقيقية هي الحلول الدائمة والمؤسساتية وليست الحلول الارتجالية التي تعتمد على شخص أو شخصين».