طباعة هذه الصفحة

وفاة ثلاث أطفال في حادث مرور بسكيكدة

إلى متى هذا التّهور في الطّرقات؟

سكيكدة: خالد العيفة

هلك ثلاثة أطفال وأصيب أربعة آخرون بجروح في حادث مرور مروع وقع ذات خميس من شهر ماي الماضي بوسط مدينة سكيكدة إثر انحراف شاحنة من الوزن الثقيل كانت محمّلة بالأتربة.
الحادث وقع في حدود السابعة صباحا بحي الإخوة خالدي، وصرّح شهود عيان بعين المكان لـ “الشعب”، أنّه كان مروعا للغاية، إذ اصطدمت شاحنة من نوع “فوتون” بعد انحرافها كانت محملة بالأتربة، بمجموعة من التلاميذ كانوا متوجهين للمؤسسة التربوية، بعد أن فقد صاحبها التحكم فيها جراء فقدانه للسيطرة على الفرامل، ما خلّف مقتل ثلاثة تلاميذ، تلميذان يبلغان من العمر 15 و13 سنة، يدرسان بالسنة الثانية متوسط، قتلا في عين المكان، فيما توفي الثالث في المستشفى.
وسارعت وحدات الحماية المدنية للتدخل إلى عين المكان وقامت بإجلاء جثتي الضحيتين نحو المستشفى، بينما حوّل أربعة تلاميذ آخرين على مصالح الاستعجالات بكل من مستشفى عبد الرزاق بوحارة والمستشفى القديم بالولاية، رفقة سائق الشاحنة الذي بترت يده اليمنى وتم إخراجه من داخل الشاحنة بصعوبة كبيرة، بعدها توفي سائق الشاحنة للإصابات الخطيرة التي أصيب بها جراء الانحراف الخطير. وحسب نفس الشهود، فإنّ تواجد أغلبية التلاميذ داخل الأقسام وقت وقوع الحادث مكّن من اجتناب وقوع عدد أكبر من الضحايا.
وقد وقف بن حسين فوزي، والي سكيكدة، على هول الفاجعة الذي صرح قائلا: “أصبحنا نقتل أبناءنا بطريقة غير مباشرة”، بعد أن استمع إلى انشغالات السكان وحالة الغش في الطرقات، وقد أعطى بالمناسبة تعليمات عاجلة بمنع سير عربات الوزن الثقيل وحافلات نقل المسافرين عبر هذا الطريق، الذي أصبح يعرف بـ “طريق الموت”، بالنظر لحوادث المرور التي أصبح يعرفها كل سنة.
مجزرة أخرى أمام مدرسة “معطى الله” برمضان جمال
ولقي ثلاثة تلاميذ من بينهم شقيقان مصرعهم، إثر حادث مرور مروّع تسبّب فيه سائق حافلة لنقل طلبة جامعة 20 أوت 55 بسكيكدة، بعد أن فقد السيطرة عليها، لتنحرف عن مسارها وتنقلب فوق الضحايا الذين كانوا عائدين من المدرسة مشيا على الأقدام.
الحادث وقع في حدود الساعة الرابعة زوالا، خلال شهر ديسمبر من السنة الماضية، على مستوى الطريق الولائي رقم 3 الرابط بين بلديتي الحدائق ورمضان جمال بالمكان المسمى فيلالي، بعد خروج التلاميذ من المدرسة الابتدائية “معطى الله” وهم في طريق العودة إلى منازلهم، حيث باغتتهم الحافلة بعد انحرافها عن خط سيرها لتنقلب فوقهم، ما أدى إلى وفاة “ج ـ ع« و«ش ـ م« البالغين من العمر 12 سنة في عين المكان، حيث تحول جسدهما إلى أشلاء، في حين أصيب الثالث “ج ـ م« بجروح خطيرة، لفظ أنفاسه الأخيرة إثرها وهو في طريقه إلى المستشفى.
وحسب شهود عايشوا المجزرة، فإنّ الحصيلة كادت أن تكون أكبر لولا تمكن التلاميذ الذين كانوا يسيرون على حافة الطريق من الابتعاد عن مسار الحافلة، وقد خلف الحادث حالة تذمر واسعة وسط سكان بلدية رمضان جمال، الذين حمّلوا سائق الحافلة المسؤولية الكاملة بسبب استعماله السرعة المفرطة. وليست هذه المرة الأولى التي يذهب فيها أطفال ضحية حوادث مرور الحافلات ومركبات الوزن الثقيل، حيث لقيت طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، في 8 أكتوبر الماضي، حتفها بعدما دهستها حافلة للنقل العمومي بموقف الحافلات مجيد لزرق وسط مدينة سكيكدة.
وبعد هذا الحادث طالب سكان البلدية  السلطات المحلية  بضرورة وضع الممهلات وإنجاز رصيف للمارة، حيث سبق لهذا الطريق وأن تسبب في وفاة 5 أطفال يقطنون بنفس الحي في مزرعة بوكرمة إسماعيل، الواقعة عند مدخل البلدية منهم طالبة جامعية وطفل يدرس في المتوسط. ولم يهدأ سكان القرية الذين صبّوا جام غضبهم على المسؤولين المعنيين بالأمر، الذين عجزوا على مدار سنوات تعاقبهم على تسيير هذه البلدية، على إنجاز رصيف للمارة، وطالبوهم بالرحيل رغم الحوادث المتكررة التي ذهب ضحيتها الأبرياء من أطفال المنطقة.
وتعرّض 5 أفراد من عائلة واحدة من ولاية تبسة، خلال شهر أوت من السنة الماضية، لحادث مروري عقب انحراف شاحنة مقطورة محملة بالآجر كانت في اتجاه بلدية كركرة غرب سكيكدة، حيث تفاجأ سائق الشاحنة بحمار يعبر الطريق حاول تجنبه فجرف السيارة من نوع “فورد فييستا” التي كان على متنها الضحايا ثم جرتها الشاحنة لمسافة طويلة في مشهد مروع، حيث تدخلت حينها مصالح الحماية المدنية لدائرة تمالوس غربي سكيكدة من أجل انتشال الجثث، 4 جثث لـ 3 نساء تتراوح أعمارهن بين 40 و23 سنة وطفلة تبلغ من العمر 12 سنة، في الوقت الذي استعملت مصالح الحماية المدنية كامل طاقاتها ووسائل تقنية من أجل إخراج جثة سائق السيارة التي تشوّهت كليا.
كما تعرّضت عائلة تتكون من 3 أفراد إلى إبادة جماعية، حيث حصد إرهاب الطرقات أرواحهم دفعة واحدة وأصيب 9 أشخاص آخرين، إثر حادث مروع شهده الطريق الوطني رقم 3 الرابط بين ولايتي قسنطينة وعنابة، وتحديدا بالمدخل الشرقي لمدينة الحروش جنوبي ولاية سكيكدة، خلال شهر فيفري الماضي. الحادث المروع نجم عن اصطدام سيارة سياحية من نوع “أتوس” كان على متنها المتوفون وحافلة لنقل المسافرين من نوع “تويوتا”، حيث لفظ الزوجان “ل ـ س« 37 سنة و«ب ـ س« 33 سنة وابنهما “ل.ن” البالغ من العمر شهرين، والذين ينحدرون من منطقة أولاد أحبابة، أنفاسهم الأخيرة بعين المكان، فيما أصيب 9 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 19 و40 سنة بجروح متفاوتة الخطورة.
 العبور السّليم
وتعود هذه المخالفات المرورية ــ حسب المصالح المختصة ــ إلى عدة عوامل، ومنها بالأساس العامل الإنساني، حيث إن نسبة 93 في المائة من الحوادث التي تقع بالطرقات تعود إلى السرعة المفرطة التي تتجاوز 120 كلم في الساعة، وأن نسبة 93 من هذه الحوادث مردها إلى السرعة وعدم احترام قوانين المرور، فيما تتقاسم العوامل الأخرى الممثلة في الخلل الميكانيكي وحالة الطرق النسبة المتبقية.
وتقع غالبية هذه الحوادث القاتلة في ولاية سكيكدة عبر الطريق الوطني رقم 3 في جزئه الواصل بين الحروش وعين بوزيان، نظرا لضيقه وانحداره الشديد، ووجود أعداد هائلة يوميا من المقطورات والشاحنات التي تجلب التجهيزات والبضائع من ميناء سكيكدة والاسمنت من حجار السود،كما تسجّل حوادث مرور مؤلمة كل يوم تقريبا عبر الطريق الوطني رقم 44 بين قرية رأس الماء إلى غاية حدود بلدية برحال بولاية عنابة، وهو محور خطير وذو كثافة مرورية كبيرة نظرا لوجود مصنع الاسمنت حجار السود والميناء التجاري بعنابة.
ويرى المتتبّعون للشّأن المروري بالولاية، أنّ الوضعية أصبحت مقلقة وتتطلب مزيدا من الإجراءات الاستثنائية والردعية، وفي المقام الأول تعميم أجهزة الرادار بالطريقين الوطنيين رقم 3 ورقم 44، والتشدد في السحب الطويل أوالنهائي لرخص السياقة، ومضاعفة الغرامات المالية وتقديم المتورطين في الحوادث القاتلة إلى العدالة.
ولأنّ حوادث المرور أصبح الراجل هو كذلك متسبّبا فيها، فقد أطلقت مصالح أمن ولاية سكيكدة حملة تحسيسية واسعة للوقاية من حوادث المرور تستهدف الراجلين تحت شعار “العبور السليم”. ووفقا لمصالح الأمن الولائي، فإنّ هذه الحملة التي تدخل في إطار الحملة الوطنية التحسيسية للوقاية من حوادث المرور، التي تمّ إطلاقها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني لفائدة الراجلين من مستعملي الطريق، هدفت إلى التحسيس والتوعية بالمخاطر التي تحدق بهم وهم يقطعون الطريق، وبالخصوص داخل المدن.
وسخّرت المصالح ذاتها إطارات وأعوان تابعين لمصالح الأمن العمومي عملت على إرشاد مستعملي الطريق، بالإضافة إلى تقديم نصائح وإرشادات حول العبور السليم بالنسبة للراجلين خصوصا الأطفال والمسنّين.
خلية لتقنيّي علم حوادث المرور
ولمواكبة الأحداث، تدعّمت المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بولاية سكيكدة بخلية لتقنيي علم حوادث المرور. وحسب قيادة هذه الأخيرة فإنّ الهدف من هذه الخلية هو العمل من أجل الرفع من نوعية التحقيقات القضائية في حوادث المرور عن طريق استعمال أساليب علمية وتقنيات جد حديثة ومتطورة من شأنها مساعدة الفرق الإقليمية أثناء معاينة مختلف حوادث المرور، وذلك من أجل تدعيم المحاضر المنجزة بدلائل علمية قوية تسمح بتحديد المسؤوليات وتحفظ حقوق المواطنين.