طباعة هذه الصفحة

نحو إرساء اقتصاد بحري جديد

12 مشروعا حصل على علامة فكرة مبدعة أو مؤسسة ناشئة

زهراء. ب

 منصّة افتراضية لمساعدة المستثمرين في تربية المائيات

يواجه قطاع الصيد البحري عدّة تحديات، لتنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الرامية إلى إرساء اقتصاد بحري يرتكز على مقاربة جديدة تعتمد على إعادة تعبئة الوسائل الموجودة داخل وخارج القطاع، وإشراك المتعاملين الخواص والعموميين، بما يستجيب للاحتياجات الجديدة، وتلبية الطلب الداخلي والتوجه إلى التصدير بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي، للمشاركة في دعم الاقتصاد الوطني والمداخيل خارج قطاع المحروقات.
تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للمسؤولين عن القطاع في آخر مجلس وزراء، كانت واضحة المعالم وصريحة، ووضع محاربة البيروقراطية «كقدر محتوم»، يلزم هؤلاء بالنزول للميدان لرفع العراقيل التي تقف حائلا أمام تجسيد المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات، وتحرير المبادرات واستعادة الثقة في أجهزة الدولة المكلفة بمرافقة أصحاب المشاريع.
ومن أجل تجسيد هذا الهدف، فتحت وزارة الصيد منصّة افتراضية لاستقبال انشغالات المهنيين في مجال تربية المائيات، وهو ما ساعد بالتكفل ب 47 انشغالا في الثلاث الأشهر الأخيرة من عام 2020، كما نظمت الوزارة ورشة افتراضية لتربية المائيات، سمحت بإنشاء قاعدة بيانات لأصحاب المشاريع المبتكرة في هذا المجال، لمرافقتهم وتحويل الأفكار إلى مشاريع حيث تحصّل 12 مشروعا على علامة فكرة مبدعة أو شركة ناشئة منهم 7 مشاريع ستدخل النشاط عام 2021.
ولأنّ التوجّه نحو إنشاء الحظائر البحرية، حتمية لا مفر منها، لتوفير بدائل المنتجات البحرية خاصة السردين أو»بروتين الفقراء» الذي انخفض مخزونه بشكل محسوس في الساحل الجزائري لعدة أسباب، منها تلك التي تتدخل فيها يد الإنسان، إذ تسبّب الصيد العشوائي وغير المنظم، والتلوّث، في استنزاف هذه الثروة، سجّلت وزارة الصيد البحري والتنمية الصيدية بعد إعادة الاعتبار لها كوزارة قائمة بحدّ ذاتها، عدّة عمليات تخصّ تنمية تربية المائيات البحرية على نطاق واسع، وتعمل حاليا على مرافقة ثمانية 8 مشاريع استثمارية خاصة جديدة في التربية السمكية البحرية (بجاية، بومرداس وتيزي وزو)، وثلاثة 3 مؤسسات جديدة لتربية الصدفيات (غليزان وتيبازة) ومنح امتياز لإنجاز مزرعتين (2) لتربية الجمبري، كما عمدت إلى توقيع، اتفاقية إطار للتعاون في مجال التنمية التكنولوجية لصناعات تربية المائيات، لاسيّما فيما يتعلق بتصميم الأقفاص العائمة، بين مركز البحث في التكنولوجيات الصناعية، والمركز الوطني لتطوير التكنولوجيات المتقدّمة ومركز تنمية الطاقات المتجدّدة والمركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات، مع إنشاء مجمّع لتصميم نموذج للأقفاص العائمة.
بخصوص تنمية تربية المائيات في المياه العذبة في المؤسسات القارية والصحراوية، تمّ إطلاق ثلاثة 3 مشاريع مبتكرة في زراعة الطحالب (خنشلة، عين الدفلى، تلمسان)، ومشروع آخر في الزراعة المائية بالتعاون مع الديوان الوطني للسقي والصرف، ومشروعين الأولين من نوعهما بتمنراست، الأول في تربية سبيرولينا والثاني في تربية البلطي.
مع العلم أنّ الوزارة وضعت حيّز الاستغلال منذ سنوات، المزرعة النموذجية لتربية الجمبري بحاسي بن عبد الله (ولاية ورقلة) وتحسين أدائها، مع دخول وحدة صناعة العلف مرحلة الإنتاج، في إطار التعاون الجزائري الكوري ومرافقة إنجاز مشروع نموذجي لتربية الجمبري بالمياه العذبة (30 إلى 50 طن).
ومن أجل تنمية تربية المائيات في المسطحات المائية، لاسيّما في السدود، تمّ الإتفاق مع وزارة الموارد المائية من أجل إعادة استزراع السدود، بعد تحديد مناطق جديدة عبر عدة ولايات، وتمّ وضع برنامج مشترك مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية من أجل تنمية التربية السمكية المدمجة مع الزراعة (تكوين 1183 فلاح والمرافقة من أجل استزراع أحواض السقي لديهم وترقية تربية أصناف جديدة ذات قيمة تجارية عالية، مثل السندر والبلاك باس).
وبلغ الإنتاج الإجمالي لتربية المائيات 5400 طن تمّ التصريح بها السنة الماضية، 542 طن قادمة من 1429 حوض فلاحي، في حين تم إحصاء 39 مشروعا بحريا، 33 مشروعا خاصا بالمياه العذبة و60 مؤسسة صيد قاري.
هاجس أسعار السردين  
يفسّر كل طرف حسب منظوره، ارتفاع أسعار السمك الأزرق، الأكثر طلبا من الطبقة المتوسطة، فيوجد من يربطها بضعف شبكة التسويق، وبممارسة الصيد غير القانوني، ومنهم من يربطها بالظروف المهنية للبحارة، وارتفاع تكاليف الصيد، وتحصي وزارة الصيد أكثر من 20 أو30 عاملا يقف وراء هذه الظاهرة، لكن العامل الأساسي حسبها بعد تقييم موضوعي أنجز بالتنسيق مع مختلف المتدخلين والأخصائيين، أرجعت ارتفاع الأسعار إلى نقص الثروة البحرية، وهو سبب طبيعي لا يستطيع أيّ شخص التحكم فيه، لكن يمكن تجاوزه وإيجاد البدائل له عن طريق التوجّه إلى الصيد في أعالي البحار وتشجيع تربية المائيات.
وتملك الجزائر حقوق الاصطياد على مساحة 9 ملايين هكتار، إذا تم استغلال 10 بالمائة منها يمكن ضمان مردود وفير، كما يوجد مساحات داخل هذه المناطق هي مياه بحرية غير مخصّصة للصيد، يمكن تخصيصها لتربية المائيات في البحر، وحدّدت مصالح وزارة الصيد إمكانية استغلال مساحة 40 ألف هكتار منها لتجسيد نحو 130 مشروع لتربية المائيات وإنتاج عدة أصناف من المنتجات البحرية، يمكن أن تصل 40 ألف طن سنويا، ما يوفر للمستهلك بديلا للأسماك الزرقاء وفي غير مواسمها مثل «الدوراد».