طباعة هذه الصفحة

حال الدنيا

الاغتيــال الآخــر

الخير شوار
03 مارس 2021

انتهت رسميا كذبة استعمارية عمّرت أكثر من ستين سنة، كانت تقول إن المناضل الجزائر علي بومنجل لم يمت تحت التعذيب وإنما «انتحر»، على غرار ما روّجته الجهات نفسها عن الشهيد العربي بن مهيدي.
ولأن الاستعمار «تلميذ غبّي» كما قال الجنرال الفيتنامي جياب، فإنه مستمرّ في ألاعيبه بطرق جديدة، عندما اقتنع أن «الكذب القديم» فات وقته ولم يعد يقنع أي طفل يحمل حدّا أدنى من العقل.
وبعيدا عن المناطق المحرّمة وخطوط شال وموريس التي تفنّـن فيه جلّادو احتلال الأمس في التنكيل بأبناء الشعب الجزائري وبقيت ألغامهم المزروعة تحصل رؤوس وأرجل الأبرياء، يبدو أن سلسلة جديدة من «الاغتيال» بدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتزامن غريب مع تصريحات للرئيس الفرنسي تؤكد قتل المحامي علي بومنجل تحت التعذيب.
وبعيدا عن الصور المعروفة لأشهر قادة الثورة التحريرية، على غرار الشهيدين العربي بن مهدي وزيغود يوسف، بدأت تتسرّب صور أخرى للشهداء أنفسهم بملاحم أقرب إلى نجوم «السوشل ميديا»، وتسريحات شعر جديدة وحتى بعيون تبدو زرقاء.
ويبدو واضحا أن صور أولئك الشهداء، تم التلاعب بها باستعمال تقنيات «الفوتوشوب» وغيرها من البرامج المبتكرة، ليس احتراما لهم أو إبراز ملامحهم لأبناء الجيل الجديد وإنما محاولة لقتلهم من جديد، وتعويض تلك الملامح القديمة بأخرى «مائعة» تكسيرا لتلك الصورة المقدّسة التي ترسخت لدى الأجيال بعد مرور كل تلك السنين.
ومثلما تعنّت محتل الأمس وكابر كثيرا قبل أن يعترف ببعض جرائمه القديمة، فإن الأكاذيب الجديدة يبدو أنها لن تصمد كثيرا، وسرعان ما تختفي بين ملايير الصور التي يتداولها نشطاء وسائط التواصل الاجتماعي، وتبقى الصور الحقيقية للشهداء منقوشة في خيال الأجيال من الجزائريين وأحرار العالم، وبعد كل هذا وقبله يبقى «الاستعمار تلميذا غبيا»، مثلما قال جياب وسلف ذكره.