طباعة هذه الصفحة

رواج كبير لتجارة التوابل

حذار من المواد المغشوشة والمنتوج المحلي الأجود

ف - بودريش

تبدأ رحلة البحث الشاقة عن اقتناء توابل بنوعية جيدة قبل شهر رمضان ويتواصل التهافت عليها طيلة الشهر الفضيل بالنظر إلى الإقبال الكبير عليها من أجل تحضير العديد من الأطباق التقليدية، ورواج هذه التجارة من المفروض أن يشجّع على زراعتها محليها بدل استيرادها من الهند وباكستان والصين وإسبانيا، في ظل وجود تجارب ناجحة في زراعة كل من الكمون والقرفة والفلفل الأسود والقرنفل وما إلى غير ذلك، وبجودة تضاهي ما يستورد من الخارج، لأن هذه المادة الحيوية كثيرا ما يطالها الغش وأحيانا أخرى ينتهي تاريخ صلاحيتها وتختفي رائحتها العطرة؟

نكهة الأطباق تكمن في التتبيل الجيد والتوابل ذات النوعية العالية، لا شك أن هذه القاعدة يتقاطع حولها الجميع، لذا رحلة البحث عن أجود التوابل من محلات العطارة، تعد رحلة دقيقة بالنسبة لربات البيوت وحتى بالنسبة لعدد معتبر من الرجال في رمضان وكذا في عيد الأضحى وخلال الأفراح ومختلف المناسبات، واللافت أنه خلال السنوات الماضية ازدهرت هذه التجارة كثيرا وتكاثرت محلاتها في مختلف المدن الصغيرة والكبيرة، لكن جودة هذه الأخيرة متوقف على احترافية العطار الذي يقتني ويحضر هذه المواد العطرية المخصصة للأطباق التقليدية.
يتوخى الكثير من الحذر في عملية شراء التوابل خوفا أن تكون رديئة، وعلى خلفية أنه لا يوجد تاريخ صلاحية مكتوب على الكيس أي لا يعرف تاريخ ونهاية موعد استهلاكها، ونجد هناك من يستعملون حاسة الشم لتفقد التوبل قبل عملية اقتنائها، وهناك من يستاء من بيعها في الأسواق مكشوفة على غبار الأتربة ودخان السيارات حيث تنعدم شروط النظافة، ولعل العثور على محل يعرض سلعا جيدة سيكون بمثابة الاكتشاف الذي يتشبث فيه المستهلك، ويكون وفيّا في التردد عليه لاقتناء حاجياته، خاصة أن الكثير من الجزائريات يفضلن اقتناء التوابل من عند العطار بدل الإقبال على تلك المعبأة في أكياس وقارورات والمعروضة في «السوبر ماركت». تقرّبت «الشعب» من عطار بالعاصمة وحاولت الاطلاع على مصدر وطريقة تحضير التوابل ومدى الإقبال عليها، فأجاب حسين سليماني قائلا: «أنا ابن هذه المهنة ورثتها عن والدي، ونقتني البهارات من باعة الجملة ونقوم بتحضيرها في المنزل، وأحرص على طحن كميات قليلة أي تكفي أسبوعا كاملا لزبائني حرصا على بقائها طازجة، لكن في المناسبات أضاعف الكمية، وتربطني بزبائني علاقة قوية أحضر لهم ما يطلبون فيجدون عندي الجودة والسعر المناسب..». ومن جهته، عطار آخر ويتعلق الأمر بإبراهيم فند ما أسماه بالاشاعات المغلوطة، والتي تروج لوجود أتربة ممزوجة مع التوابل، لأنّ حسب تأكيده المستهلك الجزائري ذكي وسرعان ما يكتشف هذا التحايل، وهذا ما سيقضي على مستقبل العطار، وأضاف موضحا لا يمكن أن نغامر بتجارتنا ومصدر رزقنا، ونعرض التوابل مطحونة وعلى شكل حبوب، لأنّ هناك من يفضل اقتناء آلة طحن وإعدادها بنفسه، وتمنى لو يتم تكثيف زراعتها بدل استيراد الكثير منها من الهند وباكستان والصين وإسبانيا، لأن التوابل الجزائرية ذات نوعية جيدة تفوق نظيرتها المستوردة.