طباعة هذه الصفحة

عميد قرية «ايت زعيم» الدا موح، تجاوز القرن  

بـدأ الـصـيـام في 1925 ومـازال وفــيا لــه

تيزي وزو: نيليا.م

 على مدار قرن عادات تغيرت وأخرى قاومت 

عاد بنا الدا موح البالغ من العمر قرن و5 سنوات، إلى الماضي من خلال استنطاق ذاكرته التي لم تخنه طوال سنوات حياته، جلوسي مع الدا موح الذي ولد في 9 افريل 1916 هو بمثابة سفر في الزمن تروي تفاصيله حكاية وذكريات رافقته منذ صباه لتجود جعبته بآيات قرآنية وحتى اشعار من الشعر القبائلي القديم للشيخ «محمد الحوسين»، و»السي موح اومحند» الذي يحمل في طياته رسائل ودروس الحياة.

«الدا موح» الذي عرف معنى الصيام لأول مرة في حياته وهو ابن التسعة سنوات، عاد بنا إلى أول يوم صامه، أين حكى لنا تفاصيل ذلك اليوم الكبير بالنسبة له ولعائلته التي تعتبر صيام الطفل لأول مرة حدث يحتفل به كل أفراد العائلة، هذا الحدث يعتبر عادة في البيت القبائل على حدث تعبير دا موح لما له من عادات وتقاليد تتولى الجدة او الأم التحضير له.

وجبة الإفطار تين مجفف وكسرة الشعير
حيث يختار أعلى مكان في البيت والذي عادة ما يكون سقف البيت ليجلس عليه الطفل، ثم تقوم احداهما بطبخ بيضتين ودجاج للإفطار، كما تقوم بتحضير كأس من الماء داخله خاتم من الفضة، وعند الأذان يشرب الطفل شربة ماء من ذلك الكأس ليفطر بعدها بالوجبة التي حضرت له خصيصا، وبعد الانتهاء من الإفطار يعتبر الطفل قادر على التحمل والصبر لصيام رمضان الذي يكمله مع باقي افراد العائلة ليصبح مؤهلا بذلك ليشاركهم طاولة الإفطار من اليوم الموالي. 
سلّط «دا موح» الضوء على شهر رمضان في الماضي والحاضر أين شهد التغيرات الحاصلة على عادات وتقاليد منطقة القبائل، فرمضان اليوم مختلف عن رمضان في الماضي، أين كان افطارهم يقتصر على كسرة الشعير او القمح الى جانب التين المجفف، الذي كان يتصدر قائمة الطعام لدى سكان منطقة القبائل.
 وكانت صلتهم وثيقة بالأرض ويكدون في عملهم من اجل الحصول على لقمة العيش التي تدر بها الأرض من خيرات من اجل ان يوفروا لقمة عيشهم، مشيرا الى أن في زمانهم لم تكن الأسواق متوفرة مثل هذا الوقت، وان ما يجنوه من الحقل تتم مقايضته بسلع أخرى أو في بعض الاحيان يتم بيعها، لكن هذه العملية نادرا بسبب عدم توفر الأموال متوفرة آنذاك.
ذكريات «دا موح» لم تتوقف هنا، حيث وصف لـ»الشعب» كيف كانوا يحضرون لشهر رمضان أين كانت الوزيعة من اولويات اهل القرية، بعدها يترقبون هلال شهر رمضان، مصرحا ان سكان القرية كانوا يصومون لرؤيته ويفطرون لرؤيته، اما عن الأذان فقد كانوا يسمعونه في القرى المجاورة.
 اما عن الافطار فقد صرّح أن كل عائلة تفطر بما لديها من طعام، ولكن في الغالب كان التين المجفف وكسرة الشعير او القمح متوفرة في كل منزل وهو الافطار المعتاد آنذاك ليقصدوا بعدها المسجد لصلاة التراويح وقراءة القرآن على يد شيخ الكتاب، وهو ما لمسناه فيه حيث ما تزال جعبته تجود بسور وآيات قرآنية يعرف معناها عن ظهر قلب والتسبيحة لا تفارق يديه، مؤكدا أنه كان يخالط الشيوخ ومدرسي القرآن كثيرا من اجل التعلم ومعرفة الدين.
«دا موح» رغم كبر سنه ما يزال محافظا على صيام شهر رمضان فلا يشعر بأي تعب أو مرض، بل بالعكس روحه المرحة لا تفارقه أبدا كما انه يتمشى في القرية لعديد الامتار من اجل تبادل الحديث مع اهل قريته الذين يستمتعون بالحديث معه والاستماع الى نصائحه.
 
صلة الرحم والتآزر والتواصل عادات مغيّبة
أشار «دا موح» الى ان شهر رمضان تغير كثيرا حاليا حيث فقد الكثير من رونقه واندثرت الكثير من العادات، كما ان الجيل الحالي لم يعد مرتبط بالمساجد مثل السابق، كما تغيرت عادات الأكل فكل شيء متوفر الآن ولكن القيمة الروحانية للشهر الفضيل تكاد تختفي، حيث طغت العصرنة والانترنيت على كل شيء لدرجة لم تعد العائلات تجتمع وحتى سكان القرية، أصبح كل واحد يعيش في عالمه الخاص وهذا ما جعل عادات التراحم والصلة وحتى التآزر تغيب عن المجتمع، وهو الأمر الذي تأسف له كثيرا، داعيا الله أن يلم شمل العائلات وأن يهدي الشباب إلى طريق مستقيم.